وأبي السعود(١)، والمراغي(٢)، وسيد قطب(٣).
المخالفون:
... لقد وجدتُ قلةً من المفسرين رجّحوا غير ما رجَحه الشنقيطي، وهم:
١- الإمام الطبري -بعد ذكر الآية- قال: " يقول تعالى ذكره إنا جعلنا أيمان هؤلاء الكفار مغلولة إلى أعناقهم بالأغلال فلا تبسط بشيء من الخيرات.. [ثم استدل برواية عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال:] قوله: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨) ﴾ قال هو كقول الله - عز وجل - :﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ ﴾ [سورة الإسراء: ٢٩] يعني بذلك أن أيديهم موثقة إلى أعناقهم لا يستطيعون أن يبسطوها بخير "(٤).
٢- الواحدي: " ((إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا)) أراد: في أعناقهم وأيديهم؛ لأن الغلّ لا يكون في العنق دون اليد ((فهي إلى الأذقان)) أي: فأيديهم مجموعة إلى أذقانهم؛ لأن الغل يجعل في اليد مما يلي الذقن ((فهم مقمحون)) رافعوا رؤوسهم لا يستطيعون الإطراق؛ لأن من غُلَّت يده إلى ذقنه ارتفع رأسه، وهذا مثل؛ معناه: أمسكنا أيديهم عن النفقة في سبيل الله بموانع كالأغلال "(٥).
٣- أبوحيان: " والظاهر أن قوله ((إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً..)) هو حقيقة لا استعارة. لمّا أخبر تعالى أنهم لا يؤمنون، أخبر عن شيء من أحوالهم في الآخرة إذا دخلوا النار "(٦).
... أما غير الموافقين والمخالفين فقد جمعوا الأقوال أو معظمها أو بعضها تحت تفسير كل واحد منهم للآية، وإليك أمثلة منهم:

(١) إرشاد العقل السليم لأبي السعود (٤/٤٩٤).
(٢) تفسير المراغي (٢٢/١٤٦).
(٣) في ظلال القرآن لسيد قطب ((٥/٢٩٦٠).
(٤) جامع البيان للطبري (٢٢/٩٨).
(٥) الوجيز للواحدي (٢/٨٩٧).
(٦) البحر المحيط لأبي حيان (٩/٤٩).

١٠- ابن عاشور: " والتربص: انتظار شيء، ويتعدى فعله إلى المفعول بنفسه ويتعلق به ما زاد على المفعول بالباء، وحذف هنا مفعوله ومتعلقه ليشمل عدة الأمور التي ينتظرها المنافقون في شأن المؤمنين وهي كثيرة مرجعها إلى أذى المسلمين والإضرار بهم فيتربصون هزيمة المسلمين في الغزوات ونحوها من الأحداث "(١).
المخالفون:
... رجّح القول الآخر وهو أن المراد بالتربص تأخير التوبة؛ قلة من المفسرين، منهم:
١- الطبري: " وقوله ((وتربصتم)) يقول وتلبثتم بالإيمان ودافعتم بالإقرار بالله ورسوله "(٢).
٢- سيد قطب: " ((ولكنكم فتنتم أنفسكم))... فصرفتموها عن الهدى، ((وتربصتم))... فلم تعزموا ولم تختاروا الخيرة الحاسمة "(٣).
في حين أن عدداً كبيراً من المفسرين فسروا التربص هنا بذكر القولين معاً، منهم:
١- الماوردي: " (وتربصتم) فيه تأويلان:
أحدهما: بالحق وأهله. والثاني: وتربصتم بالتوبة "(٤).
٢- ابن الجوزي: " ((وتربصتم)) فيه قولان:
أحدهما: تربصتم بالتوبة. والثاني: تربصتم بمحمد - ﷺ - الموت، وقلتم يوشك أن يموت فنستريح "(٥).
٣- القرطبي:"((وتربصتم)) بالنبي - ﷺ - الموت، وبالمؤمنين الدوائر، وقيل: ((تربصتم)) بالتوبة"(٦).
٤- ابن جزي: " (وتربصتم) أي أبطأتم بإيمانكم. وقيل: تربصتم الدوائر بالنبي - ﷺ - وبالمسلمين "(٧).
(١) التحرير والتنوير لابن عاشور (٢٧/٣٨٦).
(٢) جامع البيان للطبري (٢٧/١٣٠).
(٣) في ظلال القرآن لسيد قطب (٦/٣٤٨٦).
(٤) النكت والعيون للماوردي (٥/٤٧٦).
(٥) زاد المسير لابن الجوزي (٧/٣٠٤).
(٦) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٧/٢٤٧).
(٧) التسهيل لابن جزي (٤/١٧٧).


الصفحة التالية
Icon