٣- الخازن: ذكر قصة أبي جهل ومَنْ معه وأن الآية نزلت فيهم-وقد مرّت القصة آنفاً- ثم قال: "... قيل: هذا على وجه التمثيل ولم يكن هناك غل، أراد منعناهم عن الإيمان بموانع، فجعل الأغلال مَثَل لذلك. وقيل: حبسناهم عن الإنفاق في سبيل الله - عز وجل - بموانع كالأغلال. وقيل: إنها موانع حسية منعت كما يمنع الغل. وقيل: إنها وصف في الحقيقة وهي ما سينزله الله - عز وجل - بهم في النار "(١).
... وبنحو ذلك وقريب منه جاء تفسير الآية لدى كلٍّ من: الإمام النحاس (٢)، والماوردي(٣)، والنسفي(٤)، والنيسابوري(٥)، والقرطبي(٦)، والشوكاني(٧)، والقنوجي(٨)، وابن عاشور(٩)، وغيرهم.
تعقيب الباحث:
... الذي يظهر رجحانه -والله أعلم- أن معنى الآية على الاستعارة والتمثيل، وهو أن الأشقياء الذي سبقت لهم الشقاوة في علم الله - عز وجل - صرفهم الله - عز وجل - عن الإيمان صرفاً عظيماً مانعاً من وصوله إليه، وشبههم بمن جعل في عنقه غل يمنعه من الالتفات، وغطى على بصره فصار لا يرى، وهذا ما ذهب إليه الشنقيطي ومن قال بمثل ذلك، يؤيد هذا الترجيح عدة أمور:
(٢) معاني القرآن للنحاس (٥/٤٧٥-٤٧٩).
(٣) النكت والعيون للماوردي (٥/٧).
(٤) مدارك التنزيل للنسفي (٤/٣).
(٥) إيجاز البيان للنيسابوري (٢/١٣٩).
(٦) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٥/٨).
(٧) فتح القدير للشوكاني (٤/٣٤٩).
(٨) فتح البيان للقنوجي (١١/٢٧٢).
(٩) التحرير والتنوير لابن عاشور (٢٢/٣٤٩).
٢- أن هذا التفسير هو المناسب لسياق الآية، فإن قوله تعالى ((وارتبتم)) يراد به " شككتم في توحيد الله - عز وجل - وفي نبوة محمد - ﷺ - "(١)، ومجيء لفظ ((ارتبتم)) بعد لفظ ((تربصتم)) يناسبه أن يكون معنى التربص هو تربصهم الدوائر بالنبي - ﷺ - والمؤمنين، فإن شكّهم في أمر الدين والنبوة هو الذي يدفعهم إلى هذا التربص، فيظنوا أنه إن مات النبي - ﷺ - أو انهزم المسلمون؛ فيستريحوا ويبقوا على كفرهم ولا يدخلوا في الإسلام ولا يريدونه. ودلالة السياق على المعنى الراجح قاعدة متبعة عند المفسرين(٢).
٣- وأخيراً كثرة القائلين به يشبه أن يكون إجماعاً منهم على صحته ورجحانه. والله أعلم بالصواب.
- - -
المراد بأمر الله - عز وجل -
٩٩- قوله تعالى: ﴿ ِNهktXrكٹ$uZمƒ ِNs٩r& `ن٣tR ِNن٣yè¨B (#qن٩$s% ٤'n؟t/ ِ/ن٣¨Zإ٣"s٩ur َOçG^tGsù ِNن٣|،àےRr& ÷Lنêَء/tچs؟ur َOçGِ;s؟ِ'$#ur مNن٣ّ؟چxîur گ'خT$tBF{$# ٤س®Lym uن!%y` âگِDr& "!$# Nن.
چxîur "!$$خ/ â'rمچtَّ٩$# اتحب ﴾
[سورة الحديد: ١٤].
مجمل الأقوال الواردة:
١- أن المراد بأمر الله - عز وجل - : الموت.
٢- أو يكون المراد: إلقاؤهم في النار.
٣- أو أن يكون المراد بأمر الله - عز وجل - : نصرة نبيّه - ﷺ - (٣).
ترجيح الشنقيطي:
... قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: " وقوله ((حتى جاء أمر الله)) الأظهر أنه الموت؛ لأنه ينقطع به العمل "(٤).
الموافقون:
... عدد كبير من المفسرين ذهبوا إلى مثل ما ذهب إليه الشنقيطي، ورجحوا أن المراد بأمر الله - عز وجل - في هذه الآية: هو الموت، منهم:
(٢) قواعد الترجيح عند المفسرين لحسين الحربي (١/١٢٥).
(٣) الأقوال الثلاثة مجتمعة ذكرها القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (١٧/٢٤٧).
(٤) أضواء البيان للشنقيطي (٧/٨١٠).