٣- من المرجحات لهذا المعنى أيضاً: إجماع جمهور المفسرين عليه، يدل على ذلك كثرة المختارين له، وتصريح بعض المفسرين كابن الجوزي(١)، وأبي حيان(٢) بأنه اختيار الجمهور، ووصفه ابن جزي(٣)، والثعالبي(٤) بأنه " أرجح الأقوال"، وقال عنه الفخر الرازي: إنه " الأقوى "(٥).
٤- لقد استدل ابن عطية بقرينة في السياق ردَّ بها قول من قال إن الآية يراد بها بيان حال الذين لا يؤمنون في يوم القيامة، وهي قوله تعالى: ((فأغشيناهم)) وقد قال الله - عز وجل - :﴿ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ [سورة ق: ٢٢] وعليه رجّح أن الآية تمثيل لحالهم في الدنيا(٦).
... أبوحيان ردّ على ابن عطية بأن قوله تعالى ((فأغشيناهم))، ليس غريباً في الآخرة، بل يؤيده آيات أخرى تؤكد عمى الكفار يوم القيامة؛ كقوله تعالى: ﴿ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا ﴾ [سورة الإسراء: ٩٧]، وقوله تعالى عن الكفار ﴿ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى ﴾ [سورة طه: ١٢٥]. واعتبر قوله تعالى: ﴿ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ [سورة ق: ٢٢] بأنه كناية عن إدراكه ما يؤول إليه حتى كأنه يبصره(٧).
... القاسمي ردَّ على كلام أبي حيان؛ بأن حَمْل الآية على أنه لبيان أحوالهم في الآخرة " يكون أجنبياً في البين " وذلك " لأن ما قبله وما بعده في ذكر أحوالهم في الدنيا "(٨).

(١) زاد المسير لابن الجوزي (٦/٢٦٣).
(٢) البحر المحيط لأبي حيان (٩/٤٩).
(٣) التسهيل لابن جزي (٣/٣٥١).
(٤) جواهر الحسان للثعالبي (٤/٣).
(٥) التفسير الكبير للفخر الرازي (٩/٢٥٤).
(٦) المحرر الوجيز لابن عطية (١٢/٢٧٥).
(٧) البحر المحيط لأبي حيان (٩/٤٩).
(٨) محاسن التأويل للقاسمي (١٤/٤٩٩٤).

١- القرطبي(١)....... ٢- الشوكاني(٢)....... ٣- القنوجي(٣).
تعقيب الباحث:
... يظهر -والله أعلم- أن الراجح هو ما رجحه الشنقيطي والموافقون، وأن المراد بأمر الله - عز وجل - في الآية: الموت، يدل لذلك:
١- أن هذا القول هو ما رجحه جمهور من المفسرين على مر العصور؛ من ابن جرير الطبري في أواخر القرن الثالث الهجري إلى الشنقيطي وابن عاشور في أواخر القرن الرابع عشر الهجري.
٢- أن هذا المعنى هو المناسب لسياق الآية، فإن الغاية التي تقف عندها -إجبارياً- أماني الإنسان وآماله عموماً هو الموت، يقول تعالى: ﴿ مNن٣ّ؟

چxîur گ'خT$tBF{$# ٤س®Lym uن!%y` âگِDr& "!$# ﴾ [سورة الحديد: ١٤].

٣- حتى الذين لم يرجحوا ما رجحه الشنقيطي، واكتفوا بسرد الأقوال كلها أو بعضها، اتفقوا جميعاً على أن أبرز المعاني لقوله ((أمر الله)) هو الموت. فيتضح من هذا أن أظهر المعاني وأول ما يتبادر إلى الذهن عند بيان المراد بأمر الله - عز وجل - أن يفسر بأنه الموت. والله أعلم بالصواب.
- - -
مَنْ المقصود؟ مؤمني هذه الأمة أو مؤمني أهل الكتاب
١٠٠- قوله تعالى: ﴿ $pkڑ‰r'¯"tƒ tûïد%©!$# (#qمZtB#uن (#qà)®؟$# ©!$# (#qمZدB#uنur ¾د&خ!qك™tچخ/ ِNن٣د؟÷sمƒ بû÷،s#ّےد. `دB ¾دmدGyJôm' @yèّgs†ur ِNà٦©٩ #Y'qçR tbqà±ôJs؟ ¾دmخ/ ِچدےَّtƒur ِNن٣s٩ ھ!$#ur ض'qàےxî ×Lىدm

' اثرب ﴾ [سورة الحديد: ٢٨].


مجمل الأقوال الواردة:
... اختلف في الخطاب المذكور في قوله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا...)) في آية سورة الحديد هذه على قولين:
١- أن الخطاب يراد به عموم المؤمنين من هذه الأمة، أمة محمد - ﷺ -.
٢- أن الخطاب يراد به أهل الكتاب من اليهود والنصارى(٤).
ترجيح الشنقيطي:

(١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٧/٢٤٧).
(٢) فتح القدير للشوكاني (٥/١٦٨).
(٣) فتح البيان للقنوجي (١٣/٤١٠).
(٤) القولان ذكرهما ابن كثير في تفسير القرآن العظيم (٤/٣١٧).


الصفحة التالية
Icon