٣- ابن عاشور: " هذه الآيات لبيان أحكام التزاور وتعليم آداب الاستئذان. وشرع الاستئذان لمن يزور أحداً في بيته لأن الناس اتخذوا البيوت للاستتار مما يؤذي الأبدان من حرّ وقرّ ومطر وقتام، ومما يؤذي العرض والنفس من انكشاف ما لا يحب الساكن اطلاع الناس عليه، فإذا كان في بيته وجاءه أحد فهو لا يدخله حتى يصلح ما في بيته وليستر ما يحب أن يستره ثم يأذن له أو يخرج له فيكلمه من خارج الباب.
... ومعنى ((تستأنسوا)) تطلبوا الأنس بكم، أي تطلبوا أن يأنس بكم صاحب البيت، وأنسه به بانتفاء الوحشة والكراهية. وهذا كناية لطيفة عن الاستئذان، أي أن يستأذن الداخل، أي يطلب إذناً من شأنه أن لا يكون معه استيحاش رب المنزل بالداخل. قال الإمام مالك(١): الاستئناس فيما نرى -والله أعلم- الاستئذان. يريد أنه المراد كناية أو مرادفة فهو من الأنس، وهذا الذي قاله مالك هو القول الفصل. وليس المراد بالاستئناس أنه مشتق من آنس بمعنى علم لأن ذلك إطلاق آخر لا يستقيم هنا فلا فائدة في ذكره، وذلك بحسب الظاهر فإنه إذا أذن له دل إذنه على أنه لا يكره دخوله وإذا كره دخوله لا يأذن له والله متولي علم ما في قلبه فلذلك عبّر عن الاستئذان بالاستئناس مع ما في ذلك من الإيماء إلى علة مشروعية الاستئذان.
... وفي ذلك من الآداب أن المرء لا ينبغي أن يكون كلاّ على غيره، ولا ينبغي له أن يعرض نفسه إلى الكراهية والاستثقال، وأنه ينبغي أن يكون الزائر والمزور متوافقين متأنسين وذلك عون على توفر الأخوة الإسلامية "(٢).
تعقيب الباحث:

(١) الإمام أبوعبدالله مالك بن أنس الحِيْميري ثم الأصبحي المدني، حجّة الأمة، إمام دار الهجرة، ولد عام (٩٣هـ)، طلب العلم صغيراً، وتأهل للفتيا وجلس للإفادة وله إحدى وعشرون سنة، قال الإمام الشافعي: إذا ذُكر العلماء فمالكٌ النجم. نزهة الفضلاء (٢/٦١٤).
(٢) التحرير والتنوير لابن عاشور (١٨/١٩٧) بتصرف.

٥- القاسمي: " ((قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين)) أي أنشأتنا أمواتاً مرتين، وأحييتنا في النشأتين كما قال تعالى: ﴿ ؟ِNçGYà٢ur؟$Y؟¨uqّBr&؟ِNà٦"uٹômr'sù؟ ؟NèO؟ِNن٣çG‹دJمƒ؟NèO؟ِNن٣‹ح‹ّtن†؟ ﴾ ؟[سورة البقرة: ٢٨] قال قتادة: كانوا أمواتاً في أصلاب آبائهم، فأحياهم الله - عز وجل - في الدنيا، ثم أماتهم الموتة التي لابد منها، ثم أحياهم للبعث يوم القيامة. فهما حياتان وموتتان "(١).
... ونحو ذلك جاء كلام الإمام ابن الجوزي(٢)، وابن جزي(٣)، وأبي حيان(٤)، والمحلي(٥)، والبقاعي(٦)، والمراغي(٧)، وابن عاشور(٨).
... ولم يخالف أحد هنا، فالقولان الآخران لم يجزم لهما أحد بالترجيح، بل هناك من ردّ عليهما وضعّفهما، وسيأتي في التعقيب إن شاء الله.
تعقيب الباحث:
... يظهر -والله أعلم- أن الراجح في تحديد الإماتتين والإحياءتين هو ما ذهب إليه الجمهور ومنهم شيخنا الشنقيطي، يدل لذلك أمور:
١- إن أقوى وأحسن وأفضل أنواع التفسير تفسير القرآن بالقرآن(٩)، وإن آية سورة غافر التي نحن بصددها قد أجمع المفسرون على تفسيرها بآية سورة البقرة: ﴿ ؟y#ّ‹x. ؟ڑcrمچàےُ٣s؟؟"!$$خ/؟ِNçGYà٢ur؟$Y؟¨uqّBr&؟ِNà٦"uٹômr'sù؟ ؟NèO؟ِNن٣çG‹دJمƒ؟NèO؟ِNن٣‹ح‹ّtن†؟NèO؟دmّٹs٩خ)؟ڑcqمèy_ِچè؟؟اثرب؟ ﴾ ؟[سورة البقرة: ٢٨] ففي سورة غافر ذكر الإماتتين والإحياءتين بإجمال، وفي آية سورة البقرة ذكرت بتفصيل وترتيب.
(١) محاسن التأويل للقاسمي (١٤/٥١٥٨).
(٢) زاد المسير لابن الجوزي (٧/٣٥).
(٣) التسهيل لابن جزي (٤/٥).
(٤) البحر المحيط لأبي حيان (٩/٢٤١).
(٥) تفسير الجلالين ص(٣٩٣).
(٦) نظم الدرر للبقاعي (١٧/١٩).
(٧) تفسير المراغي (٢٤/٥١).
(٨) التحرير والتنوير لابن عاشور (٢٤/٩٧).
(٩) شرح مقدمة التفسير لابن عثيمين ص(١٢٧)، قواعد التفسير لخالد السبت (١/١٠٩).

جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) }... ٢٣... ، ٥٣٧، ٦٧٢
﴿ أَفَمَنْ هُوَ يOح !$s% عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (٣٣) ﴾... ٣٣
سورة إبراهيم
﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩) ﴾... ٩
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (١٨) ﴾... ١٨
﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِن اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٢) ﴾... ٢٢... ، ٤٣٢
﴿ وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (٤٩) ﴾... ٤٩... ، ٢٧٤
سورة الحجر


الصفحة التالية
Icon