٢- من ناحية اللغة العربية: فإن لفظة الاستئناس تحتمل معنى زوال الوحشة ومعنى الاستعلام والاستبصار والاستئذان(١).
٣- بعض أئمة التفسير؛ عند تفسيره للآية جعل معنى الاستئناس شاملاً لكل المعاني المذكورة أو معظمها وجعل المعنى مترابطاً مبنيًّا بعضه على بعض محققاً جميع الحكم والفوائد الدينية والنفسية والاجتماعية التي شرعها الإسلام في شعيرة الاستئذان. فمثلاً:
أ- الطبري يقول: " والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الاستئناس؛ الاستفعال من الأنس، وهو أن يستأذن أهل البيت في الدخول عليهم مخبراً بذلك مَنْ فيه، وهل فيه أحد، وليؤذنهم أنه داخل عليهم فيأنس إلى إذنهم له في ذلك، ويأنسوا إلى استئذانه إياهم.
... وقد حكى عن العرب سماعاً: اذهب فاستأنس هل ترى أحداً في الدار؛ بمعنى: انظر هل ترى فيها أحداً "(٢).
ب- الفخر الرازي: " السؤال السادس: إن كلمة (حتى) للغاية، والحكم بعد الغاية يكون بخلاف ما قبلها؛ فقوله: ((لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا)) يقتضي جواز الدخول بعد الاستئذان وإن لم يكن من صاحب البيت إذن، فما قولكم فيه؟
الجواب من وجوه:
أحدها: أن الله تعالى جعل الغاية الاستئناس لا الاستئذان، والاستئناس لا يحصل إلا إذا حصل الإذن بعد الاستئذان.
ثانيها: أنّا لما علمنا بالنص أن الحكمة في الاستئذان أن لا يدخل الإنسان على غيره بغير إذنه فإن ذلك مما يسوءه، وعلمنا أن هذا المقصود لا يحصل إلا بعد حصول الإذن، علمنا أن الاستئذان ما لم يتصل به الإذن وجب أن لا يكون كافياً.

(١) القاموس المحيط للفيروز آبادي ص(٦٨٣)، باب السين، فصل الهمزة، ومختار الصحاح للرازي ص(٢٨) مادة: أ ن س.
(٢) جامع البيان للطبري (١٨/٨٩).

د- ابن كثير، بعد القولين المرجوحين قال: " إنهما ضعيفان "(١).
٥- مما يؤيد القول الراجح أيضاً -استناداً على آية سورة البقرة- أنه بدأ بذكر الإماتة أولاً(٢) ثم الحياة الدنيا ثم الموت بعد انقضاء الأجل ثم البعث في الآخرة، في حين أن كلا القولين المرجوحين يُبدأ فيها بالحياة -أوضحتهما في مجمل الأقوال- وهذا خلاف ما ورد في القرآن الكريم.
٦- لقد قال المفسرون عن الاختيار الراجح إنه هو الأصح(٣)، وهو الصواب(٤)، وهو الأثبت(٥). والله أعلم بالصواب.
- - -
من الرجل؟
٦٠- قوله تعالى: ﴿ ؟tA$s%ur؟×@م_u'؟ض`دB÷s-B؟ô`دiB؟ةA#uن؟ڑcِqtمِچدù؟قOçFُ٣tƒ؟ے¼çmuZ"yJƒخ)؟tbqè=çFّ)s؟r&؟¸xم_u'؟br&؟tAqà)tƒ؟﴾'خn/u'؟ھ!$#؟ } ؟[سورة غافر: ٢٨].
مجمل الأقوال الواردة في الآية:
... اختلف المفسرون في هذا الرجل المؤمن على أقوال:
١- أنه كان ابن عم فرعون بمنزلة وليّ العهد وكان يخفي إيمانه من فرعون وقومه خوفاً على نفسه(٦).
٢- أنه كان قبطياً من جنسه ولم يكن من أهله(٧).
٣- أنه كان إسرائيلياً ولكنه كان يكتم إيمانه من آل فرعون(٨).
والقولان الأول والثاني متداخلان ومتشابهان جداً بل يكادان يكونان قولاً واحداً في ثنايا كلام المفسرين.
ترجيح الشنقيطي:
(١) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٤/٧٣).
(٢) غرائب القرآن لنظام الدين النيسابوري (٢٤/٣٠).
(٣) زاد المسير لابن الجوزي (٧/٣٥).
(٤) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٤/٧٣).
(٥) جواهر الحسان للثعالبي (٤/٦٨).
(٦)
( ) جامع البيان للطبري (٢٤/٣٨)، النكت والعيون للماوردي (٥/١٥٢)، إيجاز البيان للنيسابوري (٢/١٧٣).
(٧) النكت والعيون للماوردي (٥/١٥٢).
(٨) جامع البيان للطبري (٢٤/٣٨).

مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧) }... ٩٧
﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٦) ﴾... ١٠٦... ، ١٩٨، ٢٠١
﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٠٨) ﴾... ١٠٨
﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) ﴾... ١٢٦
سورة الإسراء
﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ﴾... ١
﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (٧) ﴾... ٧
﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾... ٩... ، ٥٤، ٦٢
﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (١٣) ﴾... ١٣... ، ٨٤١
﴿ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (١٤) ﴾... ١٤
﴿ مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥) ﴾... ١٥


الصفحة التالية
Icon