ثالثها: أن قوله تعالى: ((فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم...)) فحظر الدخول إلا بإذن، فدل على أن الإذن مشروط بإباحة الدخول في الآية الأولى " (١).... -والله أعلم بالصواب-.
- - -
الزينة الظاهرة
٦- قوله تعالى: ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا uچygsك مِنْهَا ﴾ [سورة النور: ٣١].
مجمل الأقوال الواردة:
... اختلف العلماء في تحديد المراد بالزينة الظاهرة في الآية، ومجمل كلامهم يرجع إلى ثلاثة أقوال:
١- أن المراد بالزينة الظاهرة هنا شيء خارج عن بدن المرأة، ولا يتضمن إبداؤه رؤية شيء من بدن المرأة؛ كالملاءة التي تلبسها المرأة فوق القميص والخمار والإزار.
٢- أن المراد بالزينة الظاهرة شيء خارج عن بدن المرأة أيضاً، ولكن يتضمن إبداؤها رؤية شيء من البدن؛ كالكحل في العين فإنه يتضمن رؤية الوجه أو بعضه، وكالخضاب والخاتم فإن رؤيتهما تستلزم رؤية اليد، وكالقرط والقلادة والسوار فإن رؤية ذلك تستلزم رؤية محله من البدن.
٣- أن يراد بالزينة الظاهرة هنا شيء من نفس بدن المرأة كوجهها وكفيها(٢).
ترجيح الشنقيطي:
... بعد أن نقل أقوال عدد من المفسرين في بيان المراد بقوله تعالى ((ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها))؛ قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: "... وجميع ذلك راجع في الجملة إلى ثلاثة أقوال:
الأول: أن المراد بالزينة ما تتزين به المرأة خارجاً عن أصل خلقتها، ولا يستلزم النظر إليه رؤية شيء من بدنها كقول ابن مسعود، ومن وافقه: إنها ظاهر الثياب؛ لأن الثياب زينة لها خارجة عن أصل خلقتها وهي ظاهرة بحكم الاضطرار كما ترى.
وهذا القول هو أظهر الأقوال عندنا وأحوطها، وأبعدها من الريبة وأسباب الفتنة.

(١) التفسير الكبير للفخر الرازي (٨/٣٥٨).
(٢) الأقوال الثلاثة مجتمعة ذكرها ابن العربي في أحكام القرآن (القسم الثالث/ ص ١٣٦٨)، والشنقيطي في أضواء البيان (٦/١٩٢).

... قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: " ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن رجلاً مؤمناً من آل فرعون يكتم إيمانه، أي يخفي عنهم أنه مؤمن، أنكر على فرعون وقومه إرادتهم قتل نبي الله موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: حين قال فرعون: ذروني أقتل موسى وليدع ربه. مع أنه لا ذنب له يستحق به القتل، إلا أنه يقول: ربي الله...
والتحقيق أن الرجل المؤمن المذكور في هذه الآية من جماعة فرعون كما هو ظاهر قوله تعالى ((من آل فرعون)).
فدعوى أنه إسرائيلي، وأن في الكلام تقديماً وتأخيراً، وأن من آل فرعون متعلق بيكتم، أي وقال رجل مؤمن يكتم إيمانه من آل فرعون أي يخفي إيمانه عن فرعون وقومه؛ خلاف التحقيق، كما لا يخفى "(١).
الموافقون:
جمع غفير من المفسرين متفقون على أن الرجل المؤمن كان من آل فرعون، وهو هو ما رجحه الشيخ الشنقيطي -رحمة الله عليهم جميعاً- فمنهم:
١- الإمام الطبري، بعد أن ذكر القول الأول بأن الرجل من آل فرعون، ثم ذكر القول الثاني وأن الرجل إسرائيلي، قال: " وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي أن الرجل المؤمن كان من آل فرعون قد أصغى لكلامه واستمع منه ما قاله وتوقف عن قتل موسى عند نهيه عن قتله وقيله ما قاله، وقال له ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد، ولو كان إسرائيلياً لكان حرياً أن يعاجل هذا القائل له ولملئه ما قال بالعقوبة على قوله لأنه لم يكن يستنصح بني إسرائيل لاعتداده إياهم أعداء له فيكف بقوله عن قتل موسى لو وجد إليه سبيلا، ولكنه لما كان من ملأ قومه استمع قوله وكف عما كان هم به في موسى - عليه السلام - "(٢).
(١) أضواء البيان للشنقيطي (٧/٨٥).
(٢) جامع البيان للطبري (٢٤/٣٨).

مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (١٨) }... ١٨... ، ٧٠٣، ٧٠٩
﴿ * وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣) ﴾... ٢٣
﴿ وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (٢٦) ﴾... ٢٦
﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (٢٩) ﴾... ٢٩... ، ٣٦١، ٥٠٦، ٥٠٧
﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦) ﴾... ٣٦... ، ٨٨٦
﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (٥٣) ﴾... ٥٣
﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨) ﴾... ٨٨
﴿ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (٩٧) ﴾... ٩٧... ، ٥١٢
﴿ وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي ں@ƒدنآuژَ خ) إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (١٠١) ﴾... ١٠١


الصفحة التالية
Icon