وبه تعلم أن تفسير الزينة في الآية بالوجه والكفين فيه نظر.
وإذا علمت أن المراد بالزينة في القرآن ما يتزين به مما هو خارج عن أصل الخلقة وأن ما فسروها من العلماء بهذا اختلفوا على قولين، فقال بعضهم: هي زينة لا يستلزم النظر إليها رؤية شيء من بدن المرأة كظاهر الثياب، وقال بعضهم: هي زينة يستلزم النظر إليها رؤية موضعها من بدن المرأة؛ كالكحل، والخضاب، ونحو ذلك.
قال مقيده (١) عفا الله عنه وغفر له: أظهر القولين المذكورين عندي قول ابن مسعود - رضي الله عنه - : أن الزينة الظاهرة، هي ما لا يستلزم النظر إليه رؤية شيء من بدن المرأة الأجنبية، وإنما قلنا إن هذا القول هو الأظهر، لأنه هو أحوط الأقوال، وأبعدها عن أسباب الفتنة، وأطهرها لقلوب الرجال والنساء، ولا يخفي أن وجه المرأة هو أصل جمالها ورؤيته من أعظم أسباب الافتتان بها، كما هو معلوم. والجاري على قواعد الشرع الكريم، هو تمام المحافظة والابتعاد من الوقوع فيما لا ينبغي "(٢).
... خلاصة: الشيخ الشنقيطي يرجح أن المراد بالزينة الظاهرة هي ما تتزين به المرأة خارجاً عن أصل خلقتها ولا يستلزم النظر إليها رؤية شيء من بدن المرأة، كظاهر الثياب.
الموافقون:
... إلى مثل ما رجحه الشنقيطي وأن المراد بالزينة الظاهرة ظاهر الثياب، قد ذهب عدد من المفسرين، مع اختلافات يسيرة في الألفاظ المعبّر بها عن المعنى المتفق عليه، ويعتبر موافقاً أيضاً من رجح أن الزينة: ما تتزين به المرأة من الحلي وغيرها، والنهي عن إبداء هذه الزينة نهي عن إبداء مواضعها، لاتفاقهم على عدم إبداء شيء من بدن المرأة للأجانب، فمنهم:

(١) الشيخ محمد الأمين الشنقيطي.
(٢) أضواء البيان للشنقيطي (٦/١٩٧-٢٠٠).

١- من قواعد الترجيح المؤيدة لهذا القول، قاعدة: لا يجوز العدول عن ظاهر القرآن الكريم إلا بدليل يجب الرجوع إليه(١)، فإن ما يدل عليه ظاهر ألفاظ الآية أن الرجل من (آل فرعون) يعني من قرابته وعشيرته، فلا يصح أن يقال إن الرجل من بني إسرائيل وقد صرح القرآن الكريم أن الرجل من آل فرعون.
٢- كذلك قاعدة أخرى في الترجيح تؤيده هي قاعدة: القول بالترتيب مقدم على القول بالتقديم والتأخير، " إذا اختلف المفسرون في تفسير آية من كتاب الله - عز وجل - وكان خلافهم دائراً بين مدعٍ للتقديم والتأخير في الآية ومبقٍ لها على ترتيبها، فأولى القولين بالصواب قول من قال بالترتيب؛ لأنه الأصل في الكلام، ولا ينتقل عن الأصل إلا بدليل واضح، وقرينة بيّنة، لاسيما إذا استقام المعنى بدونه، فإذا احتمل الأمر وعُدم الدليل والقرينة فالقول الحق أن يبقى الكلام على ترتيبه "(٢) وهذا ينطبق على الترجيح في هذه الآية، فإن من يقول إن الرجل كان إسرائيلياً يبنونه على اعتبار أن في الآية تقديماً وتأخيراً، كأنها: وقال رجل مؤمن يكتم إيمانه من آل فرعون، بتقديم (يكتم إيمانه) وتأخير (من آل فرعون)، وأما المرجحون لكونه من آل فرعون؛ فالمعنى عندهم مبني على بقاء ألفاظ الآية على تريبها، وقولهم هو الراجح بناء على القاعدة المذكورة.
(١) قواعد الترجيح عند المفسرين لحسين الحربي (١/١٣٧).
(٢) المرجع السابق (٢/٤٥١).

إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (١٠) }... ١٠... ، ٤٥٢
﴿ قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (٥٢) ﴾... ٥٢
﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (٥٣) ﴾... ٥٣
﴿ قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (٥٩) ﴾... ٥٩
﴿ قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٧) ﴾... ٨٧... ، ١٩٤
﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (١١٥) ﴾... ١١٥
﴿ فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١) ﴾... ١٢١
﴿ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) ﴾... ١٢٥
﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (١٣٠) ﴾... ١٣٠... ، ٨٨٠
﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٣١) ﴾... ١٣١
سورة الأنبياء
﴿ بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (٥) ﴾... ٥
﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (١١) ﴾... ١١


الصفحة التالية
Icon