٢- إلحاقاً للنقطة السابقة، وبتأييد قاعدة ترجيحية معتمدة لدى المفسرين، وهي " حمل كلام الله - عز وجل - على المعهود من كلام العرب... "(١)، فإن الزينة معناها في لغة العرب: " هي: ما يتزين به "(٢)، فهل أصل البدن يتزين به، أو أن الزينة شيء خارج عن البدن يزين به البدن. فلابد أن تكون الزينة زيادة عن أصل البدن.
٣- وثَمَّ قاعدة مهمة عند المفسرين يُصار إليها عند الحاجة إلى ترجيح قول على قول، وهي " حمل معاني كلام الله - عز وجل - على الغالب من أسلوب القرآن الكريم ومعهود استعماله أولى "(٣)، فإن لفظ الزينة يكثر تكرره في القرآن الكريم مراداً به الزينة الخارجة عن أصل المزين بها، ولا يراد بها بعض أجزاء ذلك الشيء المزيَّن بها، انظر إلى قوله تعالى: ﴿ * ûسة_t٦"tƒ آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ ٧‰إfَ،tB ﴾ [سورة الأعراف: ٣١]، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّا $sYù=yèy_ مَا عَلَى الْأَرْضِ ZpsYƒخ- لَهَا ﴾ [سورة الكهف: ٧]، وقوله تعالى: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ دo٤quٹysّ٩$# الدُّنْيَا ﴾ [سورة الكهف: ٤٦]، وقوله تعالى: ﴿ حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ ﴾ [سورة طه: ٨٧]، وقوله تعالى: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ دo٤quٹysّ٩$# الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ﴾ [سورة القصص: ٦٠]، وقوله تعالى: ﴿ yluچy‚sù عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ﴾ [سورة القصص: ٧٩]، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّا $¨Z

ƒy- السَّمَاءَ الدُّنْيَا >puZƒح"خ/ الْكَوَاكِبِ (٦) ﴾ [سورة الصافات: ٦] وغيرها من الآيات.

(١) قواعد الترجيح عند المفسرين لحسين الحربي (٢/٣٦٩).
(٢) مختار الصحاح للرازي ص(٢٨٠) مادة: ز ي ن، والقاموس المحيط للفيروز آبادي ص(١٥٥٤) باب النون، فصل الزاي.
(٣) قواعد الترجيح عند المفسرين لحسين الحربي (١/١٧٢)، وقواعد التفسير لخالد السبت (٢/٧٩٨).

فقوله ممنوناً أي منقوصاً. وهذا وإن صح لغةً؛ فالأظهر أنه ليس معنى الآية. بل معناها هو ما قدمنا. والعلم عند الله تعالى "(١).
الموافقون:
وأعني بهم الذين رجحوا أن ((غير ممنون)) تعني غير مقطوع، وأن نعيم الجنة وهو الأجر الذي أعده الله - عز وجل - لعباده المؤمنين غير مقطوع عنهم، بل يُعطَوه بلا حساب أبد الآبدين، متوافقين في ذلك مع ما ذهب إليه الشيخ الشنقيطي، فمنهم:
١- الإمام ابن كثير: " إن الذين آمنوا الصالحات لهم أجر غير ممنون " قال مجاهد وغيره: غير مقطوع ولا مجبوب، كقوله تعالى ﴿ ؟ڑْüدVإ٣"¨B؟دmٹدù؟#Y‰t/r&؟اجب؟ ﴾ ؟[سورة الكهف: ٣] وكقوله - عز وجل - ﴿ ؟¹ن!$sـtم؟uژِچxî؟٧Œrن‹ّgxC؟ ﴾ ؟[سورة هود: ١٠٨] "(٢).
٢- المحلي: " ((لهم أجر غير ممنون)) ممنون مقطوع "(٣).
٣- البقاعي: " ((لهم أجر)) أي عظيم ((غير ممنون)) أي مقطوع، جزاء على سماحهم بالفاني اليسير من أموالهم في الزكاة وغيرها وما أمر الله - عز وجل - من أقوالهم وأفعالهم في الآخرة والدنيا، والممنون: المقطوع؛ من مننت الحبل أي قطعته، يقطع مننه، ومنه قولهم: قد منّه السفر أي قطعه وأذهب منته "(٤).
٤- السعدي: " ((غير ممنون)) أي غير مقطوع ولا نافذ، بل هو مستمر مدى الأوقات، متزايد على الساعات، مشتمل على جميع اللذات والمشتبهات "(٥).
المخالفون:
... وهم كل من رجّح قولاً واحداً خلاف ما اختاره الشنقيطي، منهم:
١- الإمام النسفي: " ((إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون)) مقطوع، قيل: نزلت في المرضى والزمنى والهرمى إذا عجزوا عن الطاعة كتب لهم الأجر كأصح ما كانوا يعملون "(٦).
(١) أضواء البيان للشنقيطي (٧/١١٥).
(٢) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٤/٩٢).
(٣) تفسير الجلالين ص(٤٠١).
(٤) نظم الدرر للبقاعي (١٧/١٤٨).
(٥) تيسير الكريم الرحمن للسعدي ص(٧٤٥).
(٦) مدارك التنزيل للنسفي (٤/٦٧).

إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) }... ٥
﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) ﴾... ٢٤
﴿ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ ﴾... ٢٥
﴿ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ ﴾... ٢٨... ، ١٨٠
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) ﴾... ٣٠
﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ئخgح !$t/#uن أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ ئخgح !$oYِ/r& أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ £`خgح !$|، خS أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١) ﴾... ٣١... ، ١٣٤، ١٨٧، ١٩٠


الصفحة التالية
Icon