... " فلفظ الزينة في هذه الآيات كلها يراد به ما يزين به الشيء، وهو ليس من أصل خلقته كما ترى، وكون هذا المعنى هو الغالب في لفظ الزينة في القرآن الكريم؛ يدل على أن لفظ الزينة في محل النزاع يراد به هذا المعنى الذي غلبت إرادته في القرآن العظيم "(١).
٤- قال الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-: " الزينة الظاهر: الثياب، وكل شيء منها عورة حتى الظفر، ويفيد هذا تحريم النظر إلى شيء من الأجنبيات لغير عذر، مثل أن يريد أن يتزوجها أو يشهد عليها، فإنه ينظر في الحالين إلى وجهها خاصة؛ فأما النظر إليها لغير عذر فلا يجوز لا لشهوة ولا بغيرها، وسواء في ذلك الوجه والكفان وغيرهما من البدن "(٢).
٥- ويقول الإمام ابن عطية: " ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بأن لا تبدي، وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ويقع الاستثناء في كل ما غلبها فظهر بحكم ضرورة حركة فيما لابد منه، أو إصلاح شأن ونحو ذلك، فما ظهر على هذا الوجه فهو المعفي عنه "(٣).
٦- استدل شيخ الإسلام ابن تيمية بما " ثبت في الصحيح " أن المرأة المحرمة تنهى عن الانتقاب والقفازين "(٤)، وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن "(٥). والله أعلم بالصواب.
- - -
لِمَن تكون المغفرة
٧- قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ £`'gdحچُ٣مƒ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ £`خgدd¨uچّ. خ) غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [سورة النور: ٣٣].
مجمل الأقوال الواردة في الآية:

(١) أضواء البيان للشنقيطي (٦/١٩٩).
(٢) حكاه ابن الجوزي في زاد المسير (٥/٣٥٦) عن القاضي أبي يعلى عن الإمام أحمد.
(٣) المحرر الوجيز لابن عطية (١٠/٤٨٨).
(٤) الحديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب جزاء الصيد، باب ما ينهى من الطّيب للمحرم والمحرمة.
... انظر: فتح الباري (٤/٥٢).
(٥) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (١٥/٣٧١).

٢- النيسابوري: " ((ممنون)) منقوص "(١).
٣- ابن عاشور: " والأجر: الجزاء النافع عن العمل الصالح، أو هو ما يُعطونه من نعيم الجنة. والممنون: مفعول من المن، وهو ذكر النعمة للمنعَم عليه بها، والتقدير غير ممنون به عليهم، وذلك كناية عن كونهم أعطوه شكراً لهم على ما أسلفوه من عمل صالح فإن الله غفور شكور، يعني: أن الإنعام عليهم في الجنة ترافقه الكرامة والثناء فلا يُحسون بخجل العطاء، وهو من قبيل قوله تعالى ﴿ ؟ںw؟(#qè=دِ٧è؟؟Nن٣دG"s%y‰|¹؟اd`yJّ٩$$خ/؟٣"sŒF{$#ur؟ ﴾ ؟[سورة البقرة: ٢٦٤] فأجرهم بمنزلة الشيء المملوك لهم الذي لهم يعطه إياهم أحد وذلك تفضل من الله - عز وجل - "(٢).
... أما الغالبية العظمى من المفسرين فإنهم جمعوا الأقوال كلها أو بعضها دون ترجيح، ولقد حكى الشنقيطي إجماع الجمهور على ما اختاره، فبهذا الاعتبار وجدت أن كل الذين لم يرجحوا قولاً واحداً، وإنما جمعوا الأقوال عند تفسيرهم للآية قد اتفقوا على ذكر أن ((غير ممنون)) تعني: غير مقطوع، ثم قد يذكرون معه كل الأقوال الباقية أو بعضها، وهاك أمثلة:
١- الإمام البغوي: " ((إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون)) قال ابن عباس: غير مقطوع. وقال مقاتل : غير منقوص، ومنه المنون لأنه ينقص منة الإنسان وقوّته. وقيل: غير ممنون عليهم به. وقال مجاهد: غير محسوب. وقال السدي: نزلت هذه الآية في المرضى والزمنى والهرمى، إذا عجزوا عن الطاعة يكتب لهم كأصح ما كانوا يعملون فيه "(٣).
٢- ابن الجوزي: " قوله تعالى ((غير ممنون)) أي غير مقطوع ولا منقوص "(٤).
؟؟؟
(١) إيجاز البيان للنيسابوري (٢/١٧٥).
(٢) التحرير والتنوير لابن عاشور (٢٤/٢٤١).
(٣) مختصر البغوي (٢/٨٢٦).
(٤) زاد المسير لابن الجوزي (٧/٥٤).

وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٣) }... ٣٣
﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧) ﴾... ٣٧... ٨٧
﴿ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٨) ﴾... ٣٨
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٣٩) ﴾... ٣٩
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (٤١) ﴾... ٤١... ، ٣٥٧، ٥٢٢
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ﴾... ٥٨


الصفحة التالية
Icon