١- أن المعنى غفور لهن، يعني الإماء المكروهات(١).
٢- أن المعنى غفور لهم، يعني للسيد الذي يكرههن(٢).
٣- غفور لهم ولهنّ(٣).
ترجيح الشنقيطي:
... قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: " قوله تعالى في هذه الآية الكريمة ((فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم)) قيل غفور لهن. وقيل غفور لهم. وقيل لهن ولهم.
... وأظهرها أن المعنى غفور لهن؛ لأن المكره لا يؤاخذ بما أكره عليه، بل يغفره الله لعذره بالإكراه كما يوضحه قوله تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ onحچٍ٢é& وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ﴾ [سورة النحل: ١٠٦]. ويؤيده قراءة ابن مسعود، وجابر بن عبدالله، وابن جبير، فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم، ذكره عنهم القرطبي(٤)، وذكره الزمخشري(٥) عن ابن عباس - رضي الله عنهم - أجمعين.
... وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك أن لا نبين القرآن بقراءة شاذة، وربما ذكرنا القراءة الشاذة استشهاد لقراءة سبعية(٦) كما هنا، فزيادة لفظه لهن في قراءة من ذكرنا، استشهاد بقراءة شاذة لبيان بقراءة غير شاذة أن الموعود بالمغفرة والرحمة هو المعذور بالإكراه دون المكره؛ لأنه غير معذور في فعله القبيح، وذلك البيان المذكور بقوله: ﴿ إِلَّا مَنْ onحچٍ٢é& وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ﴾ [سورة النحل: ١٠٦] "(٧).
الموافقون:
... كل من وقفت عليه من المفسرين رجّحوا ما رجّحه الشنقيطي، منهم:
١- الإمام البغوي: " ((ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم)) يعني للمكرهات والوزر على المكره "(٨).

(١) مختصر البغوي (٢/٦٤٣).
(٢) التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي (٣/١٤٤)، ذكره محتملاً ولم يرجّحه.
(٣) أضواء البيان للشنقيطي (٦/٢١٩) ولم يرجحه.
(٤) الجامع لأحكام القرآن (١٢/٢٥٥).
(٥) الكشاف (٣/٢٣٣).
(٦) مقدمة أضواء البيان (١/٥).
(٧) أضواء البيان للشنقيطي (٦/٢١٩-٢٢٠).
(٨) مختصر البغوي (٢/٦٤٣).

الفخر الرازي: " ((إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون)) أي غير مقطوع، من قولك مننت الحبل أي قطعته ومنه قولهم قد منّه السفر أي قطعه. وقيل: لا يمن عليهم؛ لأنه تعالى لما سماه أجراً، فإذاً الأجر لا يوجب المنة. وقيل: نزلت في المرضى والزمنى إذا عجزوا عن الطاعة كتب لهم الأجر كأحسن ما كانوا يعملون "؟(١)؟؟
٤- ابن جزي: " ((أجر غير ممنون)) أي غير مقطوع، من قولك: مننت الحبل إذا قطعته. وقيل: غير منقوص. وقيل: غير محصور. وقيل: لا يمن عليهم به؛ لأن المن يكدر الإحسان "(٢).
٥- البيضاوي: " ((لهم أجر)) عظيم ((غير ممنون)) لا يمن به عليهم، من المن وأصله الثقل. أو لا يقطع، من ممنت الحبل إذا قطعته. وقيل: نزلت في المرضى والهرمى إذا عجزوا عن الطاعة كتب لهم الأجر كأصلح ما كانوا يعملون "(٣).
٦- القاسمي: " ((لهم أجر غير ممنون)) أي عليهم، أو غير منقوص، أو غير منقطع، أو غير محسوب "(٤).
... وينحو عبارات من سبق فسرها كل من الإمام الماوردي(٥)، والقرطبي(٦)، والخازن(٧)، وأبي حيان(٨)، والثعالبي(٩)، والشوكاني(١٠)، والألوسي(١١)، والقنوجي(١٢).
تعقيب الباحث:
يظهر -والله أعلم- أن الراجح هنا حمل الآية على جميع المعاني الواردة عن المفسرين، يدل على ذلك أمور:
(١) التفسير الكبير للفخر الرازي (٩/٥٤٣).
(٢) التسهيل لابن جزي (٤/١٩).
(٣) أنوار التنزيل للبيضاوي (٢/١٨٦).
(٤) محاسن التأويل للقاسمي (١٤/٩٨٨).
(٥) النكت والعيون للماوردي (٥/١٦٩).
(٦) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٥/٣٤١).
(٧) لباب التأويل للخازن (٦/٨٨).
(٨) البحر المحيط لأبي حيان (٩/٢٨٧).
(٩) جواهر الحسان للثعالبي (٤/٨٢).
(١٠) فتح القدير للشوكاني (٤/٤٨٧).
(١١) روح المعاني للألوسي (٢٤/٩٨).
(١٢) فتح البيان للقنوجي (١٢/٢٢٧).

لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣) }... ٦٣
سورة الفرقان
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا ﴾... ٤... ٨٦، ٢٥١، ٢٥٤، ٢٦٠
﴿ # qن٩$s%ur أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥) ﴾... ٥... ٢٥١، ٢٥٤، ٢٦٠
﴿ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (٦) ﴾... ٦... ٢٥٤، ٢٦٠
﴿ أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٨) ﴾... ٧... ، ٢٦٠
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (٤) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (٦) وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (٧) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٨) ﴾... ٨... ، ٢٥١، ٢٥٤، ٢٦٠، ٢٧٦، ٢٧٧
﴿ انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٩) ﴾... ٩... ، ٢٦٠


الصفحة التالية
Icon