١٢- ابن عاشور: " وتقلب القلوب والأبصار: اضطرابها عن مواضعها من الخوف والوجل كما يتقلب المرء في مكانه، والمقصود من خوفه: العمل لما فيه الفلاح يومئذٍ "(١).
... ومن المفسرين من جمع الأقوال كلها أو معظمها دون ترجيح واحد منها على البقية؛ من هؤلاء: الإمام البغوي(٢) والفخر الرازي(٣)، والقرطبي(٤)، والخازن(٥)، والشوكاني(٦) وغيرهم(٧).
تعقيب الباحث:
... يظهر لي -والله أعلم- صحة حمل الآية على جميع المعاني الواردة فيها عن المفسرين، فإن كل قول له ما يؤيده من الأدلة، تتفاوت قلة وكثرة، على ما سيأتي بيانه:

(١) التحرير والتنوير لابن عاشور (١٨/٢٤٩).
(٢) مختصر البغوي (٢/٦٤٦).
(٣) التفسير الكبير للفخر الرازي (٨/٣٩٨).
(٤) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٢/٢٨١).
(٥) لباب التأويل للخازن (٥/٦٧).
(٦) فتح القدير للشوكاني (٤/٣٧).
(٧) كابن الجوزي في زاد المسير (٥/٣٦٥)، والبيضاوي والشهاب (حاشيته الشهاب على البيضاوي ٦/٣٨٧)، وأبي السعود في إرشاد العقل السليم (٤/١٢٥).

... قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: " التحقيق إن شاء الله أن الضمير في قوله (فيه) راجع إلى ما ذكر من الذكور والإناث من بني آدم والأنعام في قوله تعالى: ((جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً)) سواء قلنا إن المعنى: أنه جعل للآدميين إناثاً من أنفسهم أي من جنسهم وجعل للأنعام أيضاً إناثاً كذلك، أو قلنا إن المراد بالأزواج الذكور والإناث منهما معاً.
وإذا كان ذلك كذلك؛ فمعنى الآية الكريمة يذرؤكم أي يخلقكم ويبثكم وينشركم فيه، أي فيما ذكر من الذكور والإناث، أي في ضمنه، عن طريق التناسل كما هو معروف.
ويوضح ذلك في قوله تعالى: ﴿ ؟(#qà)¨؟$#؟مNن٣­/u'؟"د%©!$#؟/ن٣s)n=s{؟`دiB؟<ّے¯R؟;oy‰دn¨ur؟t،n=yzur؟$pk÷]دB؟$ygy_÷ry-؟£]t/ur؟$uKهk÷]دB؟Zw%y`ح'؟#[ژچدWx. ؟[ن!$|، دSur؟ ؟ ﴾ ؟[سورة النساء: ١] فقوله تعالى ((وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً)) يوضح معنى قوله (يذرؤكم فيه)...
وقول من قال إن الضمير في قوله (فيه) راجع إلى الرحم، وقول من قال راجع إلى البطن، ومن قال راجع إلى الجعل المفهوم من (جعل)، وقول من قال راجع إلى التدبير، ونحو ذلك من الأقوال خلاف الصواب.
والتحقيق إن شاء الله هو ما ذكرنا. والعلم عند الله تعالى "(١).
ولا يوجد موافق للشنقيطي في هذا الترجيح.
المخالفون:
لقد رجح عدد كبير من المفسرين خلاف ما رجحه الشنقيطي في تحديد مرجع الضمير المتصل في (فيه) في قوله تعالى: ﴿ ؟مچدغ$sù؟دN¨uq"yJ، ،٩$#؟اعِ'F{$#ur؟ ؟ں@yèy_؟/ن٣s٩؟ô`دiB؟ِNن٣إ،àےRr&؟$[_¨urّ-r&؟z`دBur؟ةO"yè÷RF{$#؟$[_¨urّ-r&؟ ؟ِNن. نtu'ُ‹tƒ؟دmٹدù؟ ؟ ﴾، ويمكن تقسيمهم إلى أكثر من فئة:
أ- الذين رجّحوا رجوع الضمير إلى الجعل المدلول عليه بالفعل ((جعل))، منهم:
؟؟؟الإمام الواحدي "؟؟؟يذرؤكم فيه)) أي يكثّركم يجعله لكم حلائل، لأنهن سبب النسل "؟(٢)؟؟
؟؟؟
(١) أضواء البيان للشنقيطي (٧/١٧٥)؟
(٢) الوجيز للواحدي (٢/٩٦١).

أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (١٩) }... ١٩... ، ٢٠٩
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨) ﴾... ٢٨
﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (٣٣) ﴾... ٣٣
﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (٣٤) ﴾... ٣٤
﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ ِNخgح !$u‹دم÷ٹr& إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (٣٧) ﴾... ٣٧... ، ٤٥٩
﴿ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (٤٧) ﴾... ٤٧


الصفحة التالية
Icon