٢- القول الثاني: وهو أن يراد بتقلب القلوب اضطرابها من شدة الفزع من أهوال يوم القيامة بين طمع بالنجاة وحذر من الهلاك، وتقلب الأبصار من أي ناحية يؤخذ بهم أذات اليمين أم ذات الشمال ومن أين يؤتون كتبهم من قبل الأيمان أم من قبل الشمائل؟ فإن هذا يؤيده إجماع المفسرين قديماً وحديثاً من ابن جرير الطبري في أوائل القرن الرابع وحتى السعدي في أواخر القرن الرابع عشر الهجري، على أنه هو المراد بتقلب القلوب والأبصار(١).
٣- القول الثالث: وهو أن المراد بتقلب القلوب والأبصار تحولها من الشك إلى اليقين، من الآيات الدالة عليه قوله تعالى: ﴿ فَكَشَفْنَا y٧Ztم غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ [سورة ق: ٢٢] على أصح أقوال المفسرين فيها أنه في يوم القيامة تنكشف الحقائق وما كانوا يشكّون فيه وينكرونه من أحوال البعث ويوم القيامة يرونه أمامهم عياناً "(٢).
٤- القول الرابع: وأن المراد بتقلب القلوب هو تقلبها على جمر جهنم فهو وإن لم يجزم به أحد من المفسرين أنه هو معنى الآية إلا أن قوله تعالى ﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي ح'$¨Z٩$#... ﴾ [سورة الأحزاب: ٦٦] يؤيده، فإن تقلب وجوه الكافرين في جهنم يدل على تقلب الجسم كله بما فيه القلب والبصر(٣).
٥- وعليه فلا مانع أن تحتمل جميع المعاني الآية، فإنه في يوم القيامة تنكشف الحقائق وما كان يكذب به منكروا البعث يرونه عياناً أمام أعينهم فينقلب الشك الذي كان عندهم إلى يقين ولا ينفعهم ذلك.
... ثم إن الناس كلهم يكونون خائفين وقلوبهم وأبصارهم غير مستقرة فهم يأملون في النجاة ولا يدرون أيؤخذ بهم ذات اليمين أم الشمال؟ وكيف يأخذون كتبهم بأيمانهم أو شمائلهم.

(١) وقد استعرضت أقوال عدد منهم، فانظرهم تحت فقرة (المخالفون).
(٢) تيسير الكريم الرحمن للسعدي ص(٨٠٥)، أضواء البيان للشنقيطي (٦/٤١٣).
(٣) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٢/٢٨١).

البقاعي: "؟؟؟يذرؤكم)) أي يخلقكم ويكثركم، ولما كان الأزواج في غاية المحبة للزوج بحيث أنه مستولٍ على القلوب كان كأنه محيط بهم فقال ((فيه)) أي في ذلك التزاوج بحيث يجعلكم مولعين به، من قوله؟ذرأه: خلقه وكثره وأولعه بالشيء، فيكون لكم في الأزواج من البشر نطفاً وجمالاً وولادة، وفي الأنعام غذاء وشراباً وأكلاً، وغير ذلك مما لكم فيه من المنافع، ولا تزالون في هذا الوجه من الخلق والتزواج نسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل "؟(١)؟؟
... وبنحو هذا قد جاء كلام الزمخشري؟(٢)؟، والنيسابوري؟(٣)؟، والفخر الرازي؟(٤)؟؟
أما الذين لم يرجحوا أحد الأقوال لا يمكن تصنيفهم موافقين أو مخالفين، إنما سأذكر أقوال بعضهم للإطلاع على معظم ما قيل في تفسير الآية، منهم:
؟؟؟الإمام البغوي: "؟؟؟يذرؤكم)) يخلقكم ((فيه)) أي في الرحم. وقيل: في البطن. وقيل: على هذا الوجه من الخلقة. قال مجاهد: نسلاً بعد نسل من الناس والأنعام "؟(٥)؟؟
؟؟؟القرطبي: "؟؟؟يذرؤكم فيه)) أي يخلقكم وينشئكم ((فيه)) أي في الرحم. وقيل: في البطن... وقيل: إن الهاء في ((فيه)) للجعل، ودل عليه ((جَعَل)) فكأنه قال: يخلقكم ويكثركم في الجعل. ابن قتيبة :(يذرؤكم فيه) أي في الزوج؛ أي يخلقكم في بطون الإناث "؟(٦)؟؟
؟؟؟ابن جزي: "؟؟؟؟والضمير المجرور يعود على الجعل الذي يتضمنه قوله؟؟؟جعل لكم))، وهذا كما تقول كلمت زيداً كلاماً أكرمته فيه. وقيل: الضمير للتزويج الذي دل عليه قوله؟أزواجاً "؟(٧)؟؟
(١) نظم الدرر للبقاعي (١٧/٢٥٧).
(٢) الكشاف للزمخشري (٤/٢٠٦).
(٣) إيجاز البيان للنيسابوري (٢/١٨٠).
(٤) التفسير الكبير للفخر الرازي (٩/٥٨٢).
(٥) مختصر البغوي (٢/٨٣٤).
(٦) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٦/٨) باختصار.
(٧) التسهيل لابن جزي (٤/٣١).

لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٧٣) }... ٧٣... ، ٤٧٠
سورة سبأ
﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢) ﴾... ٢٢
﴿ * قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٤) ﴾... ٢٤
﴿ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (٢٦) ﴾... ٢٦... ، ٤٣٧، ٤٣٨
﴿ قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) ﴾... ٢٧
﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) ﴾... ٤٠... ، ٢٩٧
﴿ وَمَا آَتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (٤٤) ﴾... ٤٤
﴿ وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (٥٢) ﴾... ٥٢
سورة فاطر
﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ (١٠) ﴾... ١٠... ، ٧٣٨


الصفحة التالية
Icon