والسمين الحلبي(١)، والقنوجي(٢) وغيرهم.
المخالفون:
... اختار بعض المفسرين قولاً مخالفاً، فاعتبروا أن مرجع المضير هو لفظ الجلالة في قوله تعالى: ((ألم تر أن الله يسبح له...))، من هؤلاء:
١- الإمام الطبري، قال: " وأظهر المعاني... المعنى الأول: وهو أن يكون المعنى كل مصلٍّ منهم ومسبّح قد علم الله صلاته وتسبيحه "(٣).
٢- البيضاوي، قال: " أي: قد علم الله دعاءه وتنزيهه اختياراً أو طبعاً "(٤).
تعقيب الباحث:
... هذا الموضع اجتمعت فيه ثلاث قواعد ترجيحية كلها بموجبها يتأيد القول الذي ذهب إليه الشنقيطي ومن وافقه، وذلك على النحول الآتي:
١- قاعد: إذا دار الكلام بين التأسيس والتأكيد فحمله على التأسيس أولى(٥).
... فإذا اعتُبر رجوع الضمير المحذوف في قوله ((علم)) إلى لفظ الجلالة في قوله ((ألم تر أن الله يسبح له..)) كان قوله ((والله عليم بما يفعلون)) تأكيد. وأما إذا اعتُبر رجوع الضمير إلى لفظ ((كل)) أفاد معنى جديداً؛ فحمله عليه أولى.
٢- قاعدة: توحيد مرجع الضمائر في السياق الواحد أولى من تفريقها(٦). فإن إعادة ضمائر ((علم صلاته وتسبيحه)) إلى ((كل)) أولى من تفريقها بإعادة ضمير ((علم)) إلى لفظ الجلالة ((الله)) وإعادة ضميرا ((صلاته وتسبيحه)) إلى ((كل)).

(١) الدر المصون للسمين الحلبي (٨/٤١٨).
... وهو: شهاب الدين أحمد بن يوسف بن محمد المقرئ النحوي الشافعي المعروف ب، (السمين الحلبي)، كان فقيهاً بارعاً في النحو والتفسير وعلم القراءات وغيرها، من مصنفاته (الدر المصون). توفي سنة (٧٥٦هـ). طبقات المفسرين (١/١٠٠).
(٢) فتح البيان للقنوجي (٩/٢٤٠).
(٣) جامع البيان للطبري (١٨/١١٧).
(٤) أنوار التنزيل للبيضاوي (٢/٦٥).
(٥) قواعد الترجيح عند المفسرين لحسين الحربي (٢/٤٧٣).
(٦) الإتقان للسيوطي (١/٥٠٩)، وقواعد الترجيح عند المفسرين لحسين الحربي (٢/٦١٣)، وقواعد التفسير لخالد السبت (١/٤١٤).

الأول: أن الشيء الواحد إذا عبّر عنه بصفتين مختلفتين جاز عطفه على نفسه تنزيلاً للتغاير بين الصفات منزلة التغاير في الذوات، ومن أمثلة ذلك في القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿ ؟ثxخm٧y™؟zOَ™$#؟y٧خn/u'؟'n؟ôمF{$#؟اتب؟"د%©!$#؟t،n=yz؟٣"q|،sù؟اثب؟"د%©!$#ur؟u'£‰s%؟٣"y‰ygsù؟اجب؟ü"د%©!$#ur؟yluچ÷zr&؟٤سtçِچpRùQ$#؟احب؟ ﴾ ؟[سورة الأعلى: ١-٤] فالموصوف واحد والصفات مختلفة، وقد ساغ العطف لتغاير الصفات(١).
وأما الوجه الثاني: فهو ما أشار إليه العلامة ابن القيم -رحمه الله- في أعلام الموقعين(٢)، من المغايرة في الجملة بين الكتاب والميزان.
وإيضاح ذلك: أن المراد بالكتاب هو العدل والإنصاف المصرح به في الكتب السماوية.
وأما الميزان فيصدق بالعدل والإنصاف الذي لم يصرح به في الكتاب السماوية، ولكنه معلوم مما صرح به فيها.
فالتأفيف في قوله تعالى: ﴿ ؟ںxsù؟@à)s؟؟!$yJçl°; ؟٧e$é&؟ ﴾ ؟[سورة الإسراء: ٢٣] من الكتاب لأنه مصرح به في الكتاب، ومنع ضرب الوالدين مثلاً المدلول عليه بالنهي على التأفيف من الميزان، أي من العدل والإنصاف الذي أنزله الله - عز وجل - مع رسله.
وقبول شهادة العدلين في الرجعة والطلاق المنصوص في قوله تعالى: ﴿ ؟(#rك‰خkô­r&ur؟ô"ursŒ؟٥Aô‰tم؟َOن٣ZدiB؟ ﴾ ؟[سورة الطلاق: ٢] من الكتاب الذي أنزله الله - عز وجل - لأنه مصرح به فيه. وقبول شهادة أربعة عدول في ذلك من الميزان الذي أنزله الله - عز وجل - مع رسله.
(١) والبلاغيون يشترطون في العطف التناسب بجهة عامة، والجهة الجامعة... وللتفصيل في ذلك انظر: مختصر التفتازاني على تخليص المفتاح للقزويني في علم المعاني والبيان والبديع (٢/٤٠)، وعقود الجمان في المعاني والبيان للسيوطي (١/٢٠٠).
(٢) في موضوع طويل عن القياس. أعلام الموقعين لابن القيم، الجزء الأول، من ص(١٠١) إلى ص(٢٥٠).

وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣) }... ٤٣... ٥٦٣
سورة الزخرف
﴿ حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (٤) ﴾... ١-٢-٣-٤... ٨٣٥، ٨٣٨، ٨٥٠، ٨٥٦
﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ دN¨uq"yJ، ،٩$# وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ قOٹد=yèّ٩$# (٩) ﴾... ١٧
﴿ وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢) ﴾... ١٢... ٥٣١، ٥٣٦
﴿ وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (١٥) ﴾... ١٥... ١٠٦، ٦٤١، ٦٤٢
﴿ أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (١٦) ﴾... ١٦... ١٠٦، ٦٤١، ٦٤٢
﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (١٧) ﴾... ١٧... ، ٦٤١، ٦٤٢، ٦٤٥
﴿ أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (١٨) ﴾... ١٨... ، ٨٨٦، ١٠٦
﴿ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٨) ﴾... ٢٨... ١٠٧
﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ (٣٠) ﴾... ٣٠... ٦٥٤
﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآَنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١) ﴾... ٣١
﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (٣٨) ﴾... ٣٨... ٢٧٠، ٥٣٨
﴿ وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٩) ﴾... ٣٩
﴿ وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آَلِهَةً يُعْبَدُونَ (٤٥) ﴾... ٤٥... ٨٧٤


الصفحة التالية
Icon