وإضافة ((دعاء)) إلى ((الرسول)) من إضافة المصدر إلى فاعله. ويجوز أن تكون إضافة ((دعاء)) من إضافة المصدر إلى مفعوله والفاعل المقدر ضمير المخاطبين. والتقدير: لا تجعلوا دعاءكم الرسول، فالمعنى نهيهم.
ووقع الالتفات من الغيبة إلى خطاب المسلمين حثاً على تلقي الجملة بنشاط فهَمٍّ، فالخطاب للمؤمنين الذين تحدث عنهم بقوله ((إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله)) وقوله ((إن الذين يستأذنوك)) إلخ.. نهوا عن أن يدعوا الرسول - ﷺ - عند مناداته كما يدعو بعضهم بعضاً في اللفظ أو في الهيئة. أما في اللفظ فبأن لا يقولوا: يا محمد، أو يا بن عبدالله، أو يا بن عبدالمطلب، ولكن: يا رسول الله أو يا نبي الله أو بكنيته يا أبا القاسم(١). وأما في الهيئة فبأن لا يدعوه من وراء الحجرات، وأن لا يلحوا في دعائه إذا لم يخرج إليهم، كما جاء في سورة الحجرات. لأن ذلك كله من الجلافة التي لا تليق بعظمة قدر الرسول - ﷺ -. فهذا أدب للمسلمين وسد لأبواب الأذى عن المنافقين. وإذا كانت الآية تحتمل ألفاظها هذا المعنى صح للمتدبر أن ينتزع هذا المعنى منها إذ يكفي أن يأخذ من لاح له معنى؛ ما لاح له "(٢).
تعقيب الباحث:
بالنظر في أقوال أئمة التفسير يظهر لي -والله أعلم- صحة حمل الآية على المعنيين؛ الأول والثاني(٣):

(١) المناداة بالكنية تدخل في عدم الأدب في مناداة الرسول - ﷺ - لأنها مما ينادي بها المسلمون بعضهم بعضاً.
(٢) التحرير والتنوير لابن عاشور (١٨/٣٠٨).
(٣) سبق ذكر الأقوال في بداية الموضع.

ثم يحاصرهم هم وأسطورتهم من ناحية أخرى. فهم يدعون أن الملائكة إناث. فعلام يقيمون هذا الادعاء؟
((وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً. أشهدوا خلقهم؟ ستكتب شهادتهم ويسألون)). أشهدوا خلقهم؟ فعلموا أنهم إناث؟ فالرؤية حجة ودليل يليق بصاحب الدعوى أن يرتكن إليه. وما يملكون أن يزعموا أنهم شهدوا خلقهم. ولكنهم يشهدون بهذه ويدعونه، فليحتملوا تبعة هذه الشهادة بغير ما كانوا حاضريه: ((ستكتب شهادتهم ويسألون)).. "(١).
وهكذا أيضاً قال كل من: الإمام البغوي؟(٢)؟، والنيسابوري؟(٣)؟، والقرطبي؟(٤)؟، والخازن؟(٥)؟، ونظام الدين النيسابوري؟(٦)؟، وابن جزي؟(٧)؟، وابن كثير؟(٨)؟، والبيضاوي؟(٩)؟، والمحلي(١٠)، والثعالبي(١١)، والقاسمي(١٢)، وابن عاشور(١٣).
... أما القول بأن الجزء يراد به العدل والنظير فلم يجزم أحد بترجيحه معنى للآية، فبالتالي لا يوجد مخالف للموافقين في هذا الموضع.
تعقيب الباحث:
(١) في ظلال القرآن لسيد قطب (٥/٣١٨١).
(٢) مختصر البغوي (٢/٨٤٣).
(٣) إيجاز البيان للنيسابوري (٢/١٨٣).
(٤) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٦/٦٩).
(٥) لباب التأويل للخازن (٦/١١٠).
(٦) غرائب القرآن لنظام الدين النيسابوري (٢٥/٤٤).
(٧) التسهيل لابن جزي (٤/٤٦).
(٨) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٤/١٢٥).
(٩) أنوار التنزيل للبيضاوي (٢/١٩٩).
(١٠) تفسير الجلالين ص(٤١٢).
(١١) جواهر الحسان للثعالبي (٤/١٢٣).
(١٢) محاسن التأويل للقاسمي (١٤/٥٢٦١).
(١٣) التحرير والتنوير لابن عاشور (٢٥/١٧٧).

يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (٣٣) }... ٣٣
﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٧) ﴾... ٤٦-٤٧... ، ٧١٤، ٧١٥، ٧١٧
﴿ فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٥٦) ﴾... ٥٦
﴿ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (٧٠) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٧١) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (٧٢) ﴾... ٧٠-٧١-٧٢
﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (٧٤) ﴾... ٧٤
سورة الواقعة
﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (٢) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (٣) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (٥) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (٦) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧) ﴾... ١-٢-٣-٤-٥-٦-٧... ، ٥٣٦، ٨٩٨، ٩٠٣
﴿ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (١٤) ﴾... ١٣-١٤... ، ٨٩٩
﴿ وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (٢٣) ﴾... ٢٢-٢٣
﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦) عُرُبًا أَتْرَابًا (٣٧) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (٣٨) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (٤٠) ﴾... ٣٥-٤٠... ، ٨٩٧، ٨٩٨، ٨٩٩
﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (٥٩) ﴾... ٥٨-٥٩... ، ٨٦٣
﴿ * فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٠) ﴾... ٧٥-٨٠... ، ٨٥٠، ٨٥٦
سورة الحديد


الصفحة التالية
Icon