" ولفظ الآية بعيد من هذا المعنى، على أن المعنى صحيح "(١)، وقال الشنقيطي -بعد أن ذكر الوجه الأخير-: " هذا الوجه الأخير يأباه ظاهر القرآن؛ لأن قوله تعالى ((كدعاء بعضكم بعضاً)) يدل على خلافه، ولو أراد دعاء بعضهم على بعض لقال: لا تجعلوا دعاء الرسول عليكم كدعاء بعضكم على بعض، فدعاء بعضهم بعضاً ودعاء بعضهم على بعض متغايران كما لا يخفى "(٢). والله أعلم بالصواب.
- - -
المراد بالفتنة في قوله تعالى: ﴿ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ﴾
١٢- قوله تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ ے¾دnحگِDr& أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [سورة النور: ٦٣].
مجمل الأقوال الواردة في الآية:
... اختلفت أقوال المفسرين في بيان معنى الفتنة في هذه الآية الكريمة، وهم ما بين مرجّح لقول أو أكثر في بيان معنى الآية أو جامع للأقوال كلها أو بعضها، فإلى استعراض مجمل الأقوال:
١- الطبع على القلوب.
٢- قسوة القلب عن معرفة المعروف والمنكر.
٣- إسباغ النعم استدراجاً.
٤- الكفر.
٥- بلاء.
٦- القتل(٣).
٧- محنة في الدنيا(٤).
٨- الفضيحة(٥).
٩- زلازل.
١٠- أهوال.
١١- تسليط سلطان جائر(٦).
١٢- شيء يخالطهم في الدنيا فيحيل أمورهم إلى غير الحالة المحبوبة(٧).
١٣- الفتنة هنا غير مقيدة بنوع من أنواع الفتن(٨).
ترجيح الشنقيطي:

(١) التسهيل لابن جزي (٣/١٥٨).
(٢) أضواء البيان للشنقيطي (٦/٢٥٢).
(٣) هذه المعاني الستة قال عنها الإمام أبوحيان: " وهذه الأقوال خرجت مخرج التمثيل لا الحصر، وهي في الدنيا " البحر المحيط (٨/٧٦).
(٤) الكشاف للزمخشري (٣/٢٥٣).
(٥) التسهيل لابن جزي (٣/١٥٩).
(٦) الأقوال (٩-١٠-١١) ذكرها النسفي في مدارك التنزيل (٣/١٢٠).
(٧) نظم الدرر للبقاعي (١٣/٣٢٦).
(٨) فتح القدير للشوكاني (٤/٥٨).

٢- دلالة اللغة والعرف على صحة حمل كلمة (جزء) على (الولد عموماً - والبنت خصوصاً - والنصيب من أي نوع قد يحدد)، قال في معجم مقاييس اللغة: " والجزء: الطائفة من الشيء "(١)، قال في القاموس المحيط: " الجزء: البعض... وجَزَأَه، كجَعَلَه: قسَّمه أجزاء... وأجزأت الأم: ولدت الإناث "(٢). وقال في رائد الطلاب: " الجزء من الشيء: القطعة، النصيب. والجزء ما يتركّب الكلّ منه ومن غيره "(٣). وأما دلالة العرف المبنية على دلالة اللغة: أن الولد جزء من الوالد، والولد كالفرع من الأصل الذي هو والده(٤).
٣- لقد قالوا عن هذا القول الراجح إنه " قول الأكثرين "(٥)، وإنه هو "المشهور"(٦).
٤- ومن المرجحات أيضاً، التوجيه اللطيف الآتي: " أن حواء خلقت من جزء آدم فاستعير لكل الإناث "(٧).
(١) معجم مقاييس اللغة لابن فارس (١/٤٥٥) باب الجيم والزاي وما يثلثهما).
(٢) القاموس المحيط للفيروز آبادي ص(٤٥) باب الهمزة، فصل الجيم.
(٣) رائد الطلاب لجبران مسعود ص(٣٢٦).
(٤) لباب التأويل للخازن (٦/١١٠)، أنوار التنزيل للبيضاوي (٢/١٩٩)، تفسير الجلالين
ص(٤١٢)، نظم الدرر للبقاعي (١٧/٣٩٩).
(٥) المحرر الوجيز لابن عطية (١٣/٢٠٦)، جواهر الحسان للثعالبي (٤/١٢٣).
(٦) التفسير الكريم للفخر الرازي (٩/٦٢٣).
(٧) حاشية الشهاب على البيضاوي (٧/٤٣٦).

وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٥) }... ٥
سورة الجمعة
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩) ﴾... ٩
سورة المنافقون
﴿ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢) ﴾... ٢
﴿ يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (٨) ﴾... ٨... ، ٥٤٠، ٥٤١، ٥٤٦
سورة الطلاق
﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾... ٢... ٦٣٧، ٧٠٤
﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (٣) ﴾... ٣
سورة التحريم
﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (٤) ﴾... ٤... ، ٨٧٣، ٨٧٩


الصفحة التالية
Icon