الفصل الثالث: دراسة موازنة بين ترجيحات الشيخ عطية سالم -رحمه الله- في تتمة أضواء البيان، ومنهج الشيخ الشنقيطي -رحمه الله- في ترجيحاته، وفيه مباحث:
المبحث الأول: المصطلحات التي استخدمها في الترجيح.
المبحث الثاني: الوجوه التي اتبعها في الترجيح.
المبحث الثالث: نماذج من إحالات الشيخ عطية إلى كلام الشيخ الشنقيطي.
المبحث الرابع: ترابط الآيات والسور.
المبحث الخامس: استدراكات الشيخ عطية على شيخه الشنقيطي.
المبحث السادس: وفاء الشيخ عطية بوعود شيخه الشنقيطي.
القسم الثاني
دراسة ترجيحات الشيخ الشنقيطي في تفسيره من أول سورة النور إلى آخر سورة المجادلة
وطريقتي في دراسة المسائل الترجيحية على النحو الآتي:
١- ترتيب الآيات التي وقع الترجيح في تفسيرها حسب ورودها في المصحف.
٢- ذكر مجمل الأقوال الواردة في الآية.
٣- ذكر نص عبارة الشيخ الشنقيطي في الترجيح.
٤- ذكر الموافقين للشيخ للشنقيطي في ترجيحه، مرتبين حسب الوفاة.
٥- ذكر المخالفين له، مرتبين كذلك.
٦- التعقيب في نهاية المسألة بدراسة حجج كل قول، وبيان الراجح حسب قواعد الترجيح وضوابطه المعتبرة عند العلماء.
٧- قد يقول قائل: الشيخ الشنقيطي من المتأخرين، فكيف تقول في رسالتك الموافقون للشنقيطي والمخالفون للشنقيطي؟ أقول: هذا باعتبار أن ترجيحات الشيخ الشنقيطي هي محور الدراسة هنا، فلا مانع أن أقول (الموافقون - المخالفون) في حدود هذه الدراسة.
٨- أوسع دائرة اطلاعي على أقوال المفسرين، فربما أطّلع في المسألة الواحدة على ما يقارب ثلاثين تفسيراً.
٩- جعلت عزو الآيات بجوار الآية مباشرة تخفيفاً للحواشي.
١٠- بواسطة الطباعة بالحاسب الآلي، والحمد لله - عز وجل -، نُقلت الآيات بخط المصحف سلامة لها من الخطأ.
٤- الشوكاني(١): " إن هذا الحكم مؤسس على الغالب، والمعنى: إن غالب الزناة لا يرغب إلا في الزواج بزانية مثله، وغالب الزواني لا يرغبن إلا في الزواج بزان مثلهن، والمقصود زجر المؤمنين عن نكاح الزواني بعد زجرهم عن الزنا؛ وهذا أرجح الأقوال "(٢).
٥- السعدي(٣): " هذا بيان لرذيلة الزنا، وأنه يدنس عرض صاحبه، وعرض من قارنه ومازجه ما لا يفعله بقية الذنوب. فأخبر أن الزاني لا يقدم على نكاحه من النساء إلا أنثى زانية، تناسب حاله حالها، أو مشركة بالله لا تؤمن ببعث ولا جزاء ولا تلتزم أمر الله. والزانية كذلك لا ينكحها إلا زان أو مشرك ((وحرم ذلك على المؤمنين)) أي: حرم عليهم أن يُنكحوا زانياً أو يَنكحوا زانية. ومعنى الآية: أن من اتصف بالزنا -من رجل أو امرأة- ولم يتب من ذلك؛ أن المقدم على نكاحه مع تحريم الله لذلك؛ لا يخلو إما أن لا يكون ملتزماً لحكم الله ورسوله، فذاك لا يكون إلا مشركاً، وإما أن يكون ملتزماً لحكم الله ورسوله، فأقدم على نكاحه مع علمه بزناه فإن هذا النكاح زنا، والناكح زان مسافح، فلو كان مؤمناً بالله حقاً لم يُقدم على ذلك "(٤).

(١) الشيخ محمد بن علي الشوكاني اليمني، مجتهد مفسر أصولي، من أشهر كتبه (فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية في التفسير). توفي سنة (١٢٥٠هـ). حدائق الزهر في ذكر الأشياخ أعيان الدهر ص(٣١).
(٢) فتح القدير للشوكاني (٤/٧).
(٣) الشيخ عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالله آل سعدي، ولد عام (١٣٠٧هـ)، توفي والداه وهو صغير فنشأ يتيماً، حفظ القرآن الكريم واشتغل بالعلم، أعطاه الله - عز وجل - محبة في القلوب وثقة في النفوس، فصار مرجع بلاده -عنيزة- وعمدتهم، فهو مدرسهم ومفتيهم وواعظهم وإمام الجامع وخطيبه، من أشهر مؤلفاته: (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان). توفي سنة
(١٣٧٦هـ). علماء نجد خلال ستة قرون (٢/٤٢٢).
(٤) تيسير الكريم الرحمن لسعدي ص(٥٦١).

... ومن أمثلة الترغيب في الأخذ بالأحسن وأفضليته مع جواز الأخذ بالحسن قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) ﴾ [سورة النحل: ١٢٦]، فالأمر في قوله ﴿ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ﴾ للجواز، والله - عز وجل - لا يأمر إلا بحسن، فدل ذلك على أن الانتقام حسن، ولكن الله جل وعلا بيّن أن العفو والصبر خير منه وأحسن في قوله ﴿ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) ﴾ وأمثال ذلك كثيرة في القرآن.
... وكقوله تعالى في إباحة الانتقام ﴿ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١) ﴾ [سورة الشورى: ٤١] مع أنه بين أن الصبر والغفران خير منه في قوله بعده ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣) ﴾ [سورة الشورى: ٤٣].
... وكقوله في جواز الانتقام ﴿ * لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ﴾ [سورة النساء: ١٤٨] مع أنه أشار إلى أن العفو خير منه، وأنه من صفاته -جل وعلا- مع كمال قدرته وذلك في قوله بعده ﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (١٤٩) ﴾ [سورة النساء: ١٤٩].
وكقوله جل وعلا مثنياً على من تصدق، فأبدى صدقته ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾ [سورة البقرة: ٢٧١] ثم بيّن أن إخفاءها وإيتاءها الفقراء خير من إبدائها، الذي مدحه بالفعل الجامد الذي هو لإنشاء المدح الذي هو نعم، في قوله: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [سورة البقرة: ٢٧١].
وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (٤) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦) إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (٨) }... ١-٨... ، ٨٣٤
﴿ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٤٧) ﴾... ٤٧
سورة النجم
﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤) ﴾... ١-٤
﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٤٥) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (٤٦) ﴾... ٤٥-٤٦
سورة القمر
﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) ﴾... ١٠-١٢
﴿ وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١) كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (٤٢) ﴾... ٤١-٤٢... ٨٧٢
سورة الرحمن
﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤) ﴾... ٣-٤
﴿ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (٦) ﴾... ٦
سورة الواقعة
﴿ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (١٤) ﴾... ١٣-١٤
﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦) عُرُبًا أَتْرَابًا (٣٧) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (٣٨) ﴾... ٣٥-٣٨
﴿ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (٧٢) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (٧٣) ﴾... ٧١-٧٣
سورة الحديد


الصفحة التالية
Icon