... ثم ختم تلك الأقوال بأن قال -جل وعلا-: ((انظر كيف ضربوا لكل الأمثال)) يعني أن ما سبق ذكره من التشبيهات على سبيل المثال، وإلا فإن في جعبتهم من الكذب والافتراء عليك غير ذلك كثير، من ذلك ما ذكره الله - عز وجل - عنهم في غير هذا الموضع من أنهم قالوا عن الرسول - ﷺ - بأنه ساحر، وكذاب(١)، وكاهن ومجنون (٢)، وشاعر(٣) ونحوها.
... وعلى هذا فلا مانع من حمل الآية على جميع المعاني التي ذكرها أئمة التفسير. والله أعلم بالصواب.
- - -
معنى قوله تعالى: ﴿ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ﴾
١٥- قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٨) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٩) ﴾ [سورة الفرقان: ٨-٩].
مجمل الأقوال الواردة في الآية:

(١) في قوله تعالى: ﴿ قَالَ الْكَافِرُونَ إِن هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ ﴾ [سورة يونس: ٢]، وقوله ﴿ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ﴾ [سورة ص: ٤]..
(٢) وقد ردّ الله - عز وجل - على الكفار بأن قال لنبيه - ﷺ - :﴿ فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (٢٩) ﴾ [سورة الطور: ٢٩]، وقال: ﴿ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٤٢) ﴾ [سورة الحاقة: ٤٢].
(٣) في قوله تعالى: ﴿ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ ضچدم$x©... ﴾ [سورة الأنبياء: ٥]، وقوله: ﴿ وَيَقُولُونَ $¨Zح r& لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦) ﴾ [سورة الصافات: ٣٦]، وقوله: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠) ﴾ [سورة الطور: ٣٠]، وقوله: ﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (٤١) ﴾ [سورة الحاقة: ٤١].

٧٠- قوله تعالى: ﴿ تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآَيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (٦) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٨) ﴾ [سورة الجاثية: ٦-٨].
مجمل الأقوال الواردة في الآية:
١- أن كلمة ((ويل)) تعني دعاء بالعذاب والهلاك.
٢- أن ((ويل)) اسم وادٍ في جهنم(١).
ترجيح الشنقيطي:
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: " وقوله في هذه الآية الكريمة ((ويل لكل أفاك أثيم))، قال بعض العلماء: (ويل) وادٍ في جهنم. والأظهر أن لفظة (ويل) كلمة عذاب وهلاك، وأنها مصدر لا لفظ له من فعله، وأن المسوّغ للابتداء بها مع أنها نكرة كونها في معرض الدعاء عليهم بالهلاك "(٢).
الموافقون:
رجّح أن المراد بكلمة (ويل) دعاء بالعذاب والهلاك؛ كل من:
١- الفخر الرازي: " اعلم أنه تعالى لما بيّن الآيات للكفار، وبيّن أنهم بأي حديث يؤمنون إذا لم يؤمنوا بها مع ظهورها، اتبعه بوعيد عظيم لهم فقال: ((ويل لكل أفاك أثيم)) "(٣).
٢- المحلي: " (ويل) كلمة عذاب "(٤).
٣- سيد قطب: " والويل الهلاك، والأفاك الكذاب المارد على الكذب والأثيم الكثير المقارفة للإثم. والتهديد شامل لكل من هذه صفته "(٥).
(١) ذكر القولين ابن عطية في المحرر الوجيز (١٣/٢٩٩).
(٢) أضواء البيان للشنقيطي (٧/٣٤٢).
(٣) التفسير الكبير للفخر الرازي (٩/٦٧٢).
(٤) تفسير الجلالين ص(٤٢٠).
(٥) في ظلال القرآن لسيد قطب (٥/٣٢٢٥).

دليل الجامعات العربية، الأمانة العامة لاتحاد الجامعات العربية، الجهاز المركزي للكتب الجامعية والمدرسية والوسائل التعليمية، ١٩٧٦م.
دليل المعهد العالي للقضاء الصادر عام ٩٨/١٣٩٩هـ، طبع بمطابع الجامعة.
دليل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الصادر عام ١٤١٥هـ، أشرف على طباعته ونشره إدارة الثقافة والنشر بالجامعة.
ديوان عامر بن الطفيل، طبعة عام ١٣٨٣هـ- ١٩٦٣م، دار صادر - دار بيروت.
رائد الطلاب، جبران مسعود، الطبعة الرابعة، شباط (فبراير) ١٩٧٩م، دار العلم للملايين.
رابطة العالم الإسلامي عشرون عاماً على طريق الدعوة والجهاد، كتاب تعريفي أعدته الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي عام ١٤٠١هـ-١٩٨١م، وطبع بدار عكاظ للطباعة والنشر - جدة.
رحلة الحج إلى بين الله الحرام، الشيخ العلاّمة: محمد الأمين الجكني الشنقيطي، الطبعة الأولى عام ١٤٠٣هـ، دار الشروق - جدة.
الرحيق المختوم، بحث في السيرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، تأليف الشيخ: صفي الرحمن المباركفوري، طبعة منقحة مع إضافات جديدة، الطبعة الأولى، ١٤١٧هـ-١٩٩٦م، دار الكتاب والسنة - باكستان.
روائع البيان تفسير آيات الأحكام من القرآن، محمد علي الصابوني، الطبعة الثانية، ١٣٩٧هـ-١٩٧٧م، مكتبة الغزالي - دمشق.
روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، للعلاّمة أبي الفضل شهاب الدين السيد محمد الألوسي البغدادي، بدون تاريخ ورقم الطبعة، دار الفكر.
روضة الناظر وجنة المناظر، الإمام موفق الدين عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي، بدون رقم الطبعة ولا تأريخ، دار المطبوعات العربية - بيروت.
زاد المسير في علم التفسير، الإمام أبوالفرج جمال الدين عبدالرحمن بن علي بن محمد الجوزي القرشي البغدادي، حققه: د. محمد بن عبدالرحمن عبدالله، خرّج أحاديثه: السعيد بن بسيوني زغلول، الطبعة الأولى، ١٤٠٧هـ-١٩٨٧م، دار الفكر - بيروت.


الصفحة التالية
Icon