دراسة ترجيحات الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان

... قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: " وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة ((مقرنين)) أي في الأصفاد بدليل قوله تعالى: ﴿ "uچs؟ur tûüدBحچôfكJّ٩$# يَوْمَئِذٍ tûüدR

چs)-B فِي الْأَصْفَادِ (٤٩) ﴾ [سورة إبراهيم: ٤٩] والأصفاد القيود.

... والأظهر أن معنى ((مقرنين)) أن الكفار يقرن بعضهم إلى بعض في الأصفاد والسلاسل، وقال بعض أهل العلم: كل كافر يقرن هو وشيطانه، وقد قال تعالى:
﴿ #س®Lxm إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ سة_ّٹt/ وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ ﴾

ّ¤خ٧sù كûïحچs)ّ٩$# (٣٨) } [سورة الزخرف: ٣٨].

وهذا أظهر من قول من قال: مقرنين مكتفين، ومن قول من قال: مقرنين أي قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال "(١).
إذاً يلاحظ أن الشنقيطي رجح قولان يحتملان الآية وهما: أن الكفار يقرن بعضهم إلى بعض في الأصفاد، أو أن كل كافر يقرن هو وشيطانه، وحسب الترتيب الذي ذكرته في مجمل الأقوال فهما القولان الأولان.
الموافقون:
وأعني بهم كل من ذكر أحد القولين الأولَين اللذين ذكرهما الشنقيطي في بيان معنى الآية؛ ومنهم:
١- الإمام ابن عطية: " ومعنى ((مقرّنين)) مربوط بعضهم إلى بعض، وروي أن ذلك بسلاسل من نار "(٢).
٢- وبنفس لفظ ابن عطية قال ابن جزي(٣).
٣- ابن الجوزي -بعد ذكر الآية- قال: " وهم قد قرنوا مع الشياطين "(٤).
٤- وبلفظ مقارب له قال طنطاوي جوهري(٥).
٥- السعدي: " ((وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين)) أي: وقت عذابهم، وهم في وسطها، جمع في مكان بين ضيق المكان، وتزاحم السكان وتقرينهم بالسلاسل والأغلال "(٦).

والآخر: أنه من أول السورة إلى هذا الموضع خطاب للمشركين واحتجاج عليهم وتوبيخ لهم، فوجب أن يكون هذا أيضاً خطاباً للمشركين كما كان قبله وما بعده، ومحال أن يقول النبي - ﷺ - للمشركين ((وما أدري ما يفعل بي ولا بكم)) في الآخرة، ولم يزل - ﷺ - من أول مبعثه إلى مماته يخبر أن من مات على الكفر مخلد في النار، ومن مات على الإيمان واتبعه وأطاعه فهو في الجنة، فقد رأى - ﷺ - ما يفعل به وبهم في الآخرة. وليس يجوز أن يقول لهم ما أدري ما يفعل بي ولا بكم في الآخرة، فيقولون كيف نتبعك وأنت لا تدري أتصير إلى خفض ودَعَة أم إلى عذاب وعقاب ". انتهى كلام النحاس بواسطة نقل القرطبي(١) له.
٤- مما يدل على قوة القول الراجح إجماع جمهور المفسرين عليه، مع عدم وجود مخالف رجح القول الآخر.
٥- ترادفت عبارات المفسرين في ترجيح قول الجمهور، فقالوا إنه هو " الأظهر "(٢)، وهو " اللائق به - ﷺ - "(٣)، وهو " الأولى "(٤) ونحوها.
٦- بل لقد صرّحوا بردّ القول المرجوح فقالوا عنه إنه " ضعيف "(٥)، وإنه "بعيد"(٦)، وإنه " ليس بظاهر "(٧).
٧- إلحاقاً للنقطة السابقة فيمن ردّ القول المرجوح، قال الفخر الرازي: "... وأكثر المحققين استبعدوا هذا القول واحتجوا عليه بوجوه:
الأول: أن النبي - ﷺ - لابد وأن يعلم من نفسه كونه نبياً ومتى علم كونه نبياً علم أنه لا تصدر عنه الكبائر وأنه مغفور له، وإذا كان كذلك امتنع كونه شاكّاً في أنه هل هو مغفور له أم لا.

معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، الناشر: مكتبة المثنى - بيروت، ودار إحياء التراث العربي - بيروت.
معجم المطبوعات العربية والمعربة، يوسف إليان سركيس، مطبعة سركيس بمصر، ١٣٤٦هـ-١٩٢٨م.
المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم بحاشية المصحف الشريف، وضعه: محمد فؤاد عبدالباقي، الطبعة الرابعة ١٤١٤هـ-١٩٩٤م، دار المعرفة - بيروت، ودار الفكر.
معجم مقاييس اللغة، أبوالحسن أحمد بن فارس بن زكريا، تحقيق وضبط: عبدالسلام محمد هارون، دار الكتب العلمية - إيران.
معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار، الإمام شمس الدين أبي عبدالله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، تحقيق: بشار عواد معروف /شعيب الأرناؤوط/ صالح مهدي عباس، الطبعة الأولى، ١٤٠٤هـ-١٩٨٤م، مؤسسة الرسالة - بيروت.
المعلقات العشر، شرح ودراسة وتحليل: الدكتور مفيد قميحة، الطبعة الأولى، ١٩٩١م، دار الفكر اللباني.
المُغني، لموفق الدين أبي محمد عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة الحنبلي، تحقيق: الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، والدكتور عبدالفتاح محمد الحلو، الطبعة الثانية، ١٤١٣هـ-١٩٩٢م، هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان - القاهر.
من أعلام الحركة الإسلامية، المستشار: عبدالله العقيل، ١٤٢٠هـ-٢٠٠٠م، دار التوزيع والنشر الإسلامية.
من مشاهير الجزيرة العربية من عام ٧٠٠هـ إلى عام ١٤١٧هـ، عبدالكريم بن حمد بن إبراهيم الحقيل، الطبعة الأولى، ١٤١٧هـ- ١٩٩٦م.
مناسك الحج والعمرة من أضواء البيان، العلامة الشيخ: محمد الأمين الشنقيطي، جمع وترتيب: عبدالله بن محمد بابا الشنقيطي، الطبعة الأولى ١٤١٣هـ-١٩٩٣م، دار السلام - القاهرة، دار روضة الصغير - الرياض.
مناهل العرفان في علوم القرآن، الشيخ محمد عبدالعظيم الزرقاني، دار إحياء الكتب العربية - عيسى البابي الحلبي وشركاه.

---