أدلة الشافعية والحنابلة :
استدل الشافعية والحنابلة على مذهبهم ببعضة أدلة نوجزها فيما يلي :
أولاً - قوله تعالى :﴿ وَأَتِمُّواْ الحج والعمرة للَّهِ ﴾ فقد أمرت الآية بالإتمام وهو فعل الشيء والإتيان به كاملاً تاماً فدل على الوجوب.
ثانياً - ما ثبت عنه ﷺ في الصحيح أنه قال لأصحابه « مَن كان معه هدي فليهلّ بحجة وعمرة ».
ثالثاً - ما روي عنه ﷺ أنه قال :« دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ».
أدلة المالكية والحنفية :
واستدل المالكية والحنفية على أن العمرة سنة بما يلي :
أولاً : عدم ذكر العمرة في الآيات التي دلت على فريضة الحج مثل قوله تعالى :﴿ وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت ﴾ [ آل عمران : ٩٧ ] وقوله جل ثناؤه :﴿ وَأَذِّن فِي الناس بالحج... ﴾ [ الحج : ٢٧ ] الآية.
ثانياً : قالوا إن الأحاديث الصحيحة التي بيّنت قواعد الإسلام لم يرد فيها ذكر العمرة، فدل ذلك على أن العمرة ليست بفريضة، وأنها تختلف في الحكم عن الحج.
ثالثاً : ما روي عن النبي ﷺ أنه قال :« الحج جهادٌ والعمرة تطوع ».
رابعاً : ما روي عن جابر بن عبد الله « أنّ رجلاً سأل رسول الله ﷺ عن العمرة أواجبة هي؟ قال : لا، وأن تعتمروا خير لكم ».
خامساً : وأجابوا عن الآية والأحاديث التي استدل بها الشافعية فقالوا : إنها محمولة على ما كان بعد الشروع، فإن التعبير بالإتمام مشعر بأنه كان قد شرع فيه، وهذا يجب بالاتفاق.
قال العلامة الشوكاني :« وهذا وإن كان فيه بعد، لكنه يجب المصير إليه جمعاً بين الأدلة، ولا سيما بعد تصريحه ﷺ بما تقدم في حديث جابر من عدم الوجوب، وعلى هذا يحمل ما ورد مما فيه دلالة على وجوبها ».
أقول : لعل هذا الرأي يكون أرجح والله تعالى أعلم.
الحكم الثاني : هل الإحصار يشمل المرض والعدو؟
اختلف العلماء في السبب الذي يكون به الإحصار، والذي يبيح للمحرم التحلل من الإحرام.
فذهب الجمهور ( مالك والشافعي وأحمد ) إلى أن الإحصار لا يكون إلا بالعدو، لأن الآية نزلت في إحصار النبي ﷺ عام الحديبية، عندما منع من دخول مكة هو وأصحابه وكانوا محرمين بالعمرة.
وقال ابن عباس : لا حصر إلا حصر العدو.
وذهب أبو حنيفة : إلى أن الإحصار يكون من كل حابس يحبس الحاج عن البيت من عدوٍ، أو مرضٍ، أو خوفٍ، أو ذهاب نفقة، أو ضلال راحلةٍ، أو موت محرم الزوجة في الطريق، وغير ذلك من الأعذار المانعة.
وحجته : ظاهر الآية ﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ ﴾ فإن الإحصار - كما يقول أهل اللغة - يكون بالمرض، وأما الحصر ( المنع والحبس ) فيكون العدو، فلما قال تعالى :﴿ أُحْصِرْتُمْ ﴾ ولم يقل ( حصرتم ) دلّ على أنه أراد ما يعم المرض والعدو.


الصفحة التالية
Icon