اللطيفة السادسة : قال صاحب « الكشاف » : في صفة الميسر الذي كانوا يتعاملون به في الجاهلية « كانت لهم عشرة أقداح وهي ( الفذّ، والتوأم، والرقيب، والحِلْس، والنافس، والمسبل، والمعلَّى، والمنيح، والسفيح، والوغد ) لكلّ واحد منه نصيب معلوم من جزور ينحرونها إلا لثلاثة وهي ( المنيح، والسفيح، والوغد ) فللفذ سهم، وللتوأم سهمان، وللرقيب ثلاثة، وللحلس أربعة، وللنافس خمسة، وللمسبل ستة، وللمعلى سبعة، يجعلونها في خريطة ويضعونها على يد عدل، ثم يجلجلها ويدخل يدخ فيخرج باسم رجلٍ رجلٍ قدحاً منها، فمن خرج له قدح من ذوات الأنصباء أخذ النصيب الموسوم به، ومن خرج له قدح لا نصيب له لم يأخذ شيئاً، وغرم ثمن الجزور كله، وكانوا يدفعون تلك الأنصباء إلى الفقراء ولا يأكلون منها، ويفتخرون بذلك ويذمون من لم يدخل فيه؟
الأحكام الشرعية
الحكم الأول : هل الآية الكريمة دالة على تحريم الخمر؟
ذهب بعض العلماء إلى أن هذه الآية ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخمر والميسر ﴾ دالة على تحريم الخمر، لأن الله تعالى ذكر فيها قوله :﴿ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ ﴾ وقد حرم الله الإثم بقوله :﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفواحش مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ والإثم... ﴾ [ الأعراف : ٣٣ ] الآية وهذا اختيار القاضي أبي يعلى.
ذهب جمهور العلماء إلى أن هذه الآية تقتضي ذم الخمر دون تحريمها، بدليل أن بعض الصحابة شربوا الخمر بعد نزولها - كما مرّ في أسباب النزول - ولو فهموا التحريم لما شربها أحد منهم، وهذه الآية منسوخة بآية المائدة وهذا قول مجاهد، وقتادة، ومقاتل.
قال القرطبي :»
في هذه الآية ذم الخمر، فأما التحريم فيعلم بآية أخرى هي آية المائدة [ ٩٠ ] ﴿ ياأيها الذين آمَنُواْ إِنَّمَا الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشيطان ﴾ وعلى هذا أكثر المفسدين «.
الحكم الثاني : ما هي الخمر وهل هي اسم لكل مسكر؟
اختلف العلماء في تعريف الخمر ما هي؟
فقال أبو حنيفة : الخمر الشراب المسكر من عصير العنب فقط، وأما المسكر من غيره كالشراب من التمر أو الشعير، فلا يسمى خمراً بل يُسمى نبيذاً. وهذا مذهب الكوفيين والنخعي، والثوري، وابن أبي ليلى.
وذهب الجمهور ( مالك والشافعي وأحمد ) إلى أن الخمر اسم لكلّ شراب مسكر، سواءً كان من عصير العنب، أو التمر، أو الشعير أو غيره، وهو مذهب جمهور المحدثين وأهل الحجاز.
حجة الكوفيين وأبي حنيفة :
احتج الكوفيون وأبو حنيفة بأن الأنبذة لا تسمى خمراً، ولا يسمى خمراً إلا لشيء المشتد من عصير العنب باللغة، والسنة :
أما اللغة : فقول ( أبي الأسود الدؤلي ) وهو حجة في اللغة :


الصفحة التالية
Icon