قال أبو السعود : وما ادّعاه الخليل من الإضافة، محتجاً عليه بما حكاه عن بعض العرب : إذا بلغ الرجل الستين فإيّاه وإيّا الشوابّ، فممّا لا يعوّل عليه. وذكر ابن الأنباري وجوهاً عديدة ثمّ قال : والذي اختاره الأول، وقد بيّنا ذلك مستوفى في كتابنا الموسوم ب « الانصاف في مسائل الخلاف ».
رابعاً : قوله تعالى :﴿ اهدنا الصراط المستقيم * صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ... ﴾ ﴿ اهدنا ﴾ فعل دعاء وهو يتعدى إلى مفعولين المفعول الأول هو ضمير الجماعة ( ن ) في إهدنا، و ﴿ الصراط ﴾ هو المفعول الثاني، و ﴿ المستقيم ﴾ صفة للصراط، و ﴿ صِرَاطَ ﴾ بدل من الصراط الأول.
خامساً : آمين : اسم فعل أمر بمعنى استجب.
الأحكام الشرعية
الحكم الأول : هل البسملة آية من القرآن؟
أجمع العلماء على أن البسملة الواردة في سورة النمل [ ٣٠ ] هي جزء من آية في قوله تعالى :﴿ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ الله الرحمن الرحيم ﴾ ولكنهم اختلفوا هل هي آية من الفاتحة، ومن أول كل سورة أم لا؟ على أقوال عديدة :
الأول : هي آية من الفاتحة، ومن كل سورة، وهو مذهب الشافعي رحمه الله.
الثاني : ليست آية لا من الفاتحة، ولا من شيء من سور القرآن، وهو مذهب مالك رحمه الله.
الثالث : هي آية تامة من القرآن أُنزلت للفصل بين السور، وليست آية من الفاتحة وهو مذهب أبو حنيفة رحمه الله.
دليل الشافعية :
استدل الشافعية على مذهبهم بعدة أدلة نوجزها فيما يلي :
أولاً - حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال :« إذا قرأتم الحمد لله رب العالمين، فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم، إنها أمّ القرآن، وأمّ الكتاب، والسبعُ المثاني، وبسم الله الرحمن الرحيم أحدُ آياتها ».
ثانياً - حديث ابن عباس رضي الله عنهما « أنّ رسول الله ﷺ كان يفتتح الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم ».
ثالثاً - حديث أنس رضي الله عنه أنه سئل عن قراءة رسول الله ﷺ فقال : كانت قراءته مدّاً.. ثمّ قرأ ﴿ بِسمِ الله الرحمن الرَّحِيمِ * الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يَوْمِ الدين... ﴾.
رابعاً : حديث أنس رضي الله عنه أنه قال :( بينا رسول الله ﷺ ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاؤة، ثمّ رفع رأسه متبسّماً، فقلنا ما أضحكك يا رسول الله؟ قال : نزلت عليّ آنفاً سورة، فقرأ :﴿ بِسمِ الله الرحمن الرَّحِيمِ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ الكوثر * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانحر * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبتر ﴾ [ الكوثر : ١-٣ ].
قالوا : فهذا الحديث يدل على أن البسملة آية من كل سورة من سور القرآن أيضاً، بدليل أن الرسول ﷺ قرأها في سورة الكوثر.


الصفحة التالية
Icon