﴿ الرجال قوامون عَلَى النسآء ﴾ [ النساء : ٣٤ ] الآية والله تعالى قد وضع ميزاناً دقيقاً للتفاضل هو التقوى والعمل الصالح ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أَتْقَاكُمْ ﴾ [ الحجرات : ١٣ ] فقد تكون المرأة أفضل عند الله من ألف رجل، وهذا هو المبدأ العادل الكريم.
اللطيفة السابعة : قال ابن عباس رضي الله عنهما : أول خلع كان في الإسلام في « امرأة ثابت بن قيس أتت رسول الله ﷺ فقالت يا رسول الله : لا يجمع رأسي ورأسه شيء أبداً، والله ما أعيب عليه في خلُق ولا دين، ولكن أكره الكفر بعد الإسلام، ما أطيقه بغضاً، إني رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل في عدة، فإذا هو أشدهم سواداً، وأقصرهم قامة، وأقبحهم وجهاً، فقال زوجها يا رسول الله : أعطيتها أفضل ما لي ( حديقة ) لي، فإن ردّت عليّ حديقتي طلقتها، فقال لها عليه السلام ما تقولين؟ قالت : نعم، وإن شاء زدته، قال ففرق بينهما ».
اللطيفة الثامنة : قال العلامة أبو السعود : وضع الاسم الجليل في المواقع الثلاثة ﴿ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله ﴾ ﴿ تِلْكَ حُدُودُ الله ﴾ ﴿ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله ﴾ موضع الضمير لتربية المهابة وإدخال الروعة في النفوس، وتعقيب النهي بالوعيد للمبالغة في التهديد.
الأحكام الشرعية
الحكم الأول : ما هي عدة المطلقة، والحامل، والتي لا تحيض؟
أوجب الله تعالى العدة على المطلقة ﴿ والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قرواء ﴾ والمراد بالمطلّقات هنا ( المدخول بهن ) البالغات من غير الحوامل، أو اليائسات، لأن غير المدخول بها لا عدة عليها لقوله تعالى :﴿ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ﴾ [ الأحزاب : ٤٩ ].
وعدة الحامل وضع الحمل لقوله تعالى :﴿ وَأُوْلاَتُ الأحمال أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [ الطلاق : ٤ ].
والمرأة التي لا تحيض وكذا اليائسة عدتها ثلاثة أشهر لقوله تعالى :﴿ واللائي يَئِسْنَ مِنَ المحيض مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ارتبتم فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ واللائي لَمْ يَحِضْنَ ﴾ [ الطلاق : ٤ ] الآية.
فتبيّن من هذا أن الآية قد دخلها التخصيص، وأنّ العدة المذكورة في الآية الكريمة هي للمطلّقة المدخول بها إذا لم تكن صغيرة أو يائسة أو حاملاً.
الحكم الثاني : ما المراد بالأقراء في الآية الكريمة؟
تقدّم معناه أن ( القرء ) في اللغة يطلق على الحيض وعلى الطهر، وقد اختلف الفقهاء في تعيين المراد به هنا في الآية الكريمة على قولين :
أ - فذهب مالك والشافعي : إلى أن المراد بالأقراء : الأطهار، وهو مروي عن ( ابن عمر ) و ( عائشة ) و ( زيد بن ثابت )، وهو أحد القولين عند الإمام أحمد رحمه الله.
ب - وذهب أبو حنيفة وأحمد ( في الرواية الأخرى عنه ) إلى أن المراد بالأقراء : الحيض، وهو مروي عن ( عمر ) و ( ابن مسعود ) و ( أبي موسى ) و ( أبي الدرداء ) وغيرهم.
حجة مالك والشافعي :
احتج الفريق الأول لترجيح مذهبهم بحجج نذكرها بإيجاز :
الحجة الأولى : إثبات التاء في العدد ( ثلاثة قروء ) وهو يدل على أن المعدود مذكر وأن المراد به الطهر، ولو كان المراد به الحيضة لجاء اللفظ ( ثلاث قروء ) لأن الحيضة مؤنث والعدد يذكر مع المؤنث، ويؤنث مع المذكر كما هو معلوم.