وروي عن ( سعيد بن المسيب ) أنه قال : إن المطلقة ثلاثاً تحل للأول بالعقد على الثاني، وهو ضعيف لمصادمته للحديث الآتي الصحيح.
واحتج الجمهور بما رواه ابن جرير عن عائشة قالت :« جاءت امرأة رفاعة إلى رسول الله ﷺ فقالت : كنت عند رفاعة فلطقني فبتّ طلاقي، فتزوجت عبد الرحمن بن الزّبير، وإنّ ما معه مثل هدبة الثوب فقال لها :» تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عُسيلته ويذوق عسيلتك « » رواه أصحاب السنن.
والمراد بالعُسيلة : الجماع، شبّه اللذة فيه بالعسل.
فقد وضّحتْ السنة المطهّرة أنّ المراد من فظ النكاح في الآية الكريمة هو ( الجماع ) لا العقد، وقال بعض العلماء إن الآية نفسها فيها دلالة على ذلك، فقد قال ابن جني : سألت أبا علي عن قولهم نكح المرأة، فقال فرّقت العرب بالاستعمال، فإذا قالوا : نكح فلانٌ فلانةً أرادوا أنه عقد عليها، وإذا قالوا : نكح زوجته أرادوا به المجامعة، وهنا قال تعالى :﴿ حتى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ﴾ فالمراد منه المجامعة.
الحكم العاشر : نكاح المحلّل وهل هو صحيح أم باطل؟
المحلِّل : بكسر اللام هو الذي يتزوج المطلّقة ثلاثاً بقصد أن يحلّها للزوج الأول، وقد سمّاه عليه السلام بالتيس المستعار ففي الحديث الشريف « ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا : بلى يا رسول الله، قال : هو المحلّل، لعن الله المحلّل والمحلَّل له ».
وقد اختلف العلماء في نكاح المحلّل فذهب الجمهور ( مالك وأحمد والشافعي والثوري ) إلى أن النكاح باطل، ولا تحل للزوج الأول.
وقال الحنفية وبعض فقهاء الشافعية : هو مكروه وليس بباطل، لأن في تسميته بالمحلّل ما يدل على الصحة لأنها سبب الحل، وروي عن الأوزاعي أنه قال : بئس ما صنع والنكاحُ جائز.
حجة الجمهور :
استدل الجمهور على فساد نكاح المحلّل بما يلي :
أولاً - حديث « لعن رسول الله ﷺ المحلّل والمحلّل له ».
ثانياً - حديث « ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا بلى يا رسول الله قال : هو المحلّل... » الحديث.
ثالثاً - حديث ابن عباس « سئل رسول الله ﷺ عن نكاح المحلّل فقال :( لا » أي لا يحل « إلاّ نكاح رغبة، لا نكاح دلسة، ولا استهزاء بكتاب الله، ثم يذوق عُسيلتها ) ».
رابعاً - ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال :« لا أوتي بمحلّل ولا بمحلّل له إلاّ رجمتهما ».
خامساً - ما روي عن نافع عن ابن عمر أن رجلاً سأله عن رجل طلّق امرأته ثلاثاً فتزوجها أخ له من غير مؤامرة منه ليحلّها لأخيه هل تحل للأول؟ فقال : لا، إلاّ نكاح رغبة كنا نعد هذا سفاحاً على عهد رسول الله ﷺ «.