أقول : وهذا الإطلاق يسمى عند علماء البيان ( المجاز المرسل ) وعلاقته اعتبار ما كان، أي الذين كانوا يتامى.
اللطيفة السادسة : أكل مال اليتيم حرام، وإن لم يضمّ إلى مال الوصي، والتقييد في الآية الكريمة ﴿ وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُمْ ﴾ لزيادة التشنيع عليهم لأن أكل مال اليتيم مع الاستغناء عنه أقبح وأشنع فلذلك خُصّ النهيُ به.
اللطيفة السابعة : وجه المناسبة بين ذكر اليتامى ونكاح النساء في قوله تعالى :﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي اليتامى فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النسآء ﴾ هو أن النساء في الضعف كاليتامى، ومن ناحية أخرى فقد كانت اليتيمة تكون في حجر وليها فيرغب في مالها وجمالها، ويريد أن ينكحها بدون أن يعدل معها في الصداق فنهوا عن ذلك، وقد تقدم حديث عائشة.
قال أبو السعود :« وفي إيثار الأمر بنكاحهن على النهي عن نكاح اليتامى مع أنه المقصود بالذات، مزيد لطف في استنزالهم عن ذلك، فإن النفس مجبولة على الحرص على ما منعت منه ».
الأحكام الشرعية
الحكم الأول : ما هو حكم التساؤل بالأرحام؟
دلّ قوله تعالى :﴿ واتقوا الله الذي تَسَآءَلُونَ بِهِ والأرحام ﴾ على أن التساؤل بالرحم جائز ولا سميا على قراءة ( حمزة ) الذي قرأها بالجر ( والأرحامِ ) وبهذا قال بعض العلماء، لأنه ليس بقسم وإنما هو استعطاف فقول الرجل للآخر : أسألك بالرحم أن تفعل كذا لا يراد منه الحلف الممنوع، وإنما هو سؤال بحرمة الأرحام التي أمر الله بصلتها، واستدلوا بحديث « اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا... » الحديث.
وكره بعضهم ذلك وقال : إن الحديث الصحيح يردّه :« من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت » فاعتبره نوعاً من أنواع القسم، وهو قول ابن عطية.
قال الزجاج : قراءة حمزة مع ضعفها وقبحها في اللغة العربية، خطأ عظيم في أصول الدين، لأن النبي ﷺ قال :« لا تحلفوا بآبائكم » فإذا لم يجز الحلف بغير الله فكيف يجوز بالرحم؟.
ونقل القرطبي عن ( المبرّد ) أنه قال :« لو صليت خلف إمام يقرأ ﴿ واتقوا الله الذي تَسَآءَلُونَ بِهِ والأرحام ﴾ لأخذت نعلي ومضيتُ ».
قال القشيري : ومثل هذا الكلام مردود عند أئمة الدين، لأن القراءات التي قرأ بها أئمة القراء ثبتت عن النبي ﷺ تواتراً يعرفه أهل الصنعة، وإذا ثبت شيء عن النبي ﷺ فمن ردّ ذلك فقد ردّ على النبي واستقبح ما قرأ به، وهذا مقام محذور ولا يقلد فيه أئمة اللغة والنحو، فإن العربية تتلقى من النبي ﷺ ولا يشك أحد في فصاحته. ثم النهي إنما جاء في الحلف بغير الله، وهذا توسل إلى الغير بحق الرحم فلا نهي فيه «.
الحكم الثاني : هل يعطى اليتيم ماله قبل البلوغ؟
دلّ قوله تعالى :﴿ وَآتُواْ اليتامى أَمْوَالَهُمْ ﴾ على وجوب دفع المال لليتيم، وقد اتفق العلماء على أن اليتيم لا يعطى ماله قبل البلوغ لقوله تعالى في الآيات التالية


الصفحة التالية
Icon