﴿ السفهآء ﴾ : أصل السفه في اللغة الخفة والحركة، يقال : تسفهت الريح الشجر إذا أمالته، ورجل سفيه إذا كان ناقص التفكير خفيف الحلم، والمراد به هنا الذي لا يحسن التصرف في ماله، أو يبذره في غير الطرق المشروعة.
قال في « الكشاف » :« السفهاء المبذرون أموالهم الذين ينفقونها فيما لا ينبغي ولا يد لهم بإصلاحها وتثميرها والتصرف فيها ».
﴿ قياما ﴾ : أي به معاشكم وقوام حياتكم.
قال ابن قتيبة : قياماً وقواماً بمنزلة واحدة تقول : هذا قوام أمرك وقيامه أي ما يقوم به أمرك.
﴿ وابتلوا ﴾ : الابتلاء : الاختبار أي اختبروا عقولهم وتصرفهم في أموالهم.
﴿ آنَسْتُمْ ﴾ : أي علمتم وقيل : رأيتم، وأصل الإيناس : الإبصار ومنه قوله تعالى :﴿ آنَسَ مِن جَانِبِ الطور نَاراً ﴾ [ القصص : ٢٩ ] قال الأزهري : تقول العرب اذهب فاستأنس هل ترى أحداً؟ أي تبصّر.
﴿ رُشْداً ﴾ : الرشد الاهتداء إلى وجوه الخير، والمراد به هنا الاهتداء إلى حفظ الأموال.
﴿ إِسْرَافاً ﴾ : الإسراف مجاوزة الحد والإفراط في الشيء، والسرف والتبذير.
﴿ وَبِدَاراً ﴾ : معناه مبادرة أي مسارعة، والمراد أن يسارع في أكل مال اليتيم خشية أن يكبر فيطالبه به.
﴿ فَلْيَسْتَعْفِفْ ﴾ : استعفّ عن الشيء كفّ عنه وتركه، وهو أبلغ من ( عفّ ) كأنه طلب زيادة العفة.
﴿ حَسِيباً ﴾ : أي محاسباً لأعمالكم ومجازياً لكم عليها.
قال الأزهري : يحتمل أن يكون الحسيب بمعنى المحاسب، وأن يكون بمعنى الكافي، ومن الثاني قولهم : حسبك الله أي كافيك الله. قال تعالى :﴿ ياأيها النبي حَسْبُكَ الله وَمَنِ اتبعك مِنَ المؤمنين ﴾ [ الأنفال : ٦٤ ].
﴿ القسمة ﴾ : المراد بالقسمة في الآية قسمة التركة بين المستحقين من الأقرباء.
﴿ أُوْلُواْ القربى ﴾ : المراد بهم الأقرباء الذين لا يرثون لكونهم محجوبين، أو لكونهم من ذوي الأرحام.
﴿ قَوْلاً مَّعْرُوفاً ﴾ : أي قولاً طيباً لطيفاً فيه نوع من الاعتذار، وتطييب الخاطر، قال سعيد بن جبير : يقول الولي للقريب : خذ بارك الله فيك، إني لست أملك هذا المال إنما هو للصغار.
﴿ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ﴾ : أي سيدخلون ويذوقون ناراً حامية مستعرة يصطلي الإنسان بحرّها ولهبها.
المعنى الإجمالي
نهى الله سبحانه وتعالى الأولياء عن تمكين السفهاء من التصرف في الأموال، التي جعلها الله للناس قياماً، تقوم بها حياتهم ومعايشهم، وأمر بالإنفاق عليهم بشتى أنواع الإنفاق من الكسوة والإطعام وسائر الحاجات، كما أمر تعالى باختبار اليتامى حتى إذا رأوا منهم صلاحاً في الدين، وحفظاً للأموال، فعلى الأوصياء أن يدفعوا إليهم أموالهم من غير تأخير، وعليهم ألاّ يبذّروها ويفرطوا في انفاقها، ويقولوا : ننفق كما نشتهي قبل أن يكبر اليتامى فينتزعوها من أيدينا، فمن كان غنياً فليكفّ عن مال اليتيم، ومن كان فقيراً فليأكل بقدر الحاجة، فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم لئلا يجحدوا تسلمها وكفى بالله محاسباً ورقيباً. ثم بيّن تعالى أن للرجال نصيباً من تركة أقربائهم، كما للنساء، فرضها الله لهم بشرعه العادل وكتابه المبين، وأمر بإعطاء أولي القربى واليتامى والمساكين من غير الوارثين شيئاً من هذه التركة تطييباً لخاطرهم وإحساناً إليهم.


الصفحة التالية
Icon