ج - لا حدّ لأقله ويجوز بكل شيء له قيمة وهو مذهب الشافعي وأحمد رحمهما الله.
قال الحافظ وقد وردت أحاديث في أقل الصداق لا يثبت منها شيء.
قال العلامة القرطبي :« تعلق الشافعي بعموم قوله تعالى :﴿ بأموالكم ﴾ في جواز الصداق بقليل وكثير، وهو الصحيح ويعضده قوله عليه السلام » لو أن رجلاً أعطى ملء يديه طعاماً كانت به حلالاً « وأنكح سعيد بن المسيب ابنته من ( عبد الله بن وَدَاعة ) بدرهمين.
قال الشافعي : كل ما جاز أن يكون ثمناً لشيء أو جاز أن يكون أجرة جاز أن يكون صداقاً، وهذا قول جمهور أهل العلم وأهل الحديث، كلهم أجاز الصداق بقليل المال وكثيره ».
حجة المالكية والأحناف : أن الشيء الحقير لا يصلح مهراً، ولا بدّ في المهر من قدر معلوم من المال، ولما كانت يد السارق لا تقطع إلاّ في دينار ( على قول أبي حنيفة ) وفي ربع دينار ( على قول مالك ) اعتبر هذا القدر في المهر قياساً على حد السرقة.
واستدل أبو حنيفة : بما رواه جابر أن رسول الله ﷺ قال :« لا صداق دون عشرة دراهم ».
الترجيح : أقول ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة أرجح فقد زوّج عليه السلام أحد الصحابة على ما يحفظه من القرآن ( زوجتكها بما معك من القرآن ) وقال لشخص :( التمس ولو خاتماً من حديد )، وزوج سيد التابعين ( سعيد بن المسيب ) ابنته على درهمين ولم ينكر عليه أحد، والأصل في المقادير إثباتها بطريق الشرع، وليس ثمة حديث صحيح في أقل الصداق يصلح حجة كما قال الحافظ والله أعلم.
الحكم الثاني : ما المراد بالميثاق الغليظ في الآية الكريمة؟
قال الضحاك وقتادة : هو العهد الذي أخذ عليهم من إحسان العشرة إلى النساء في قوله تعالى :﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بإحسان ﴾ [ البقرة : ٢٢٩ ].
وقال مجاهد وعكرمة : المراد بالميثاق الغليظ هو ( عقد النكاح ) وقد دل عليه قوله عليه السلام :« اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ».
الحكم الثالث : ما هي المحرمات التي أرشدت إليها الآية الكريمة؟
المحرمات التي يحرم الزواج بهن ثلاثة أنواع وهن كالآتي :
١ - محرمات بالنسب ٢ - محرمات بالرضاع ٣ - محرمات بالمصاهرة.
المحرمات من النسب :
أشارت الآية الكريمة إلى تحريم سبعة من النسب وهنّ :( الأمهات، البنات، الأخوات، العمات، الخالات، بنات الأخ، بنت الأخت ) وهؤلاء يحرم الزواج بهن على التأبيد، أي أنه لا يحل الزواج بهن بحال من الأحوال، ويدخل في الأمهات الجدات وإن علون، كما يدخل في البنات بناتهن وإن سفلن، وكذلك الأخوات سواء كنّ شقيقات أو لأب أو لأم، والعمات والخالت وإن علون سواء كنّ شقيقات أو لأب أو لأم، والعمات والخالات وإن علون سواء كن من جهة الأب أو الأم.