﴿ إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ﴾ [ المعارج : ٣٠ ] فكل فرج سواهما فهو حرام.
فقد ثبت رجوعه عن قوله وهو الصحيح. وحكي أنه إنما أباحها حالة الاضطرار، والعنت في الأسفار، فقد روي عن ابن جبير أنه قال : قلت لابن عباس : لقد سارت بفتياك الركبان، وقال فيها الشعراء، قال : وما قالوا؟ قلت قالوا :
قد قلت للشيخ لا طال مجلسه | يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس |
هل لك في رخصة الأطراف آنسة | تكون مثواك حتى مصدر الناس |
ومن هنا قال الحازمي : إنه ﷺ لم يكن أباحها لهم وهم في بيوتهم وأوطانهم، وإنما أباحها لهم في أوقات بحسب الضرورات، حتى حرّمها عليهم في آخر الأمر تحريم تأبيد.
الأدلة الشرعية والعقلية على تحريم المتعة
احتج أهل السُنَّة على حرمة المتعة بوجوه نلخصها فيما يلي :
أولاً : إن الوطء لا يحل إلاّ في الزوجة أو المملوكة لقوله تعالى :﴿ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ﴾ [ المؤمنون : ٥-٦ ] وهذه ليست زوجة وليست مملوكة، لأنها لو كانت زوجة لحصل التوارث، وثبت النسب ووجبت العدة، وهذه لا تثبت باتفاق فيكون باطلاً.
ثانياً : إن الأحاديث الشريفة جاءت مصرحة بتحريمه، منها ما رواه مالك عن الزهري بسنده عن علي كرم الله وجهه أن رسول الله ﷺ نهى عن متعة النساء، وعن أكل لحوم الحمر الأهلية.
ثالثاً : ما رواه ابن ماجة أن رسول الله ﷺ حرّم المتعة فقال :« يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع، ألا وإن الله قد حرمها إلى يوم القيامة ».
رابعاً : أن عمر رضي الله عنه حرمها وهو على المنبر أيام خلافته، وأقره الصحابة رضي الله عنهم، وما كانوا ليقروه على خطأ لو كان مخطئاً فكان ذلك منهم إجماعاً.
خامساً : إن نكاح المتعة لا يقصد به إلاّ قضاء الشهوة، ولا يقصد به التناسل، ولا المحافظة على الأولاد، وهي المقاصد الأصلية للزواج، فهو يشبه الزنى من حيث قصد الاستمتاع دون غيره، وقد قال الله تعالى :﴿ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مسافحين ﴾ وليس مقصود المتمتع إلا قضاء الشهوة، وصب الماء، واستفراغ أوعية المني، فبطلت المتعة بهذا القيد.
قال الخطابي : تحريم المتعة كالإجماع إلا عن بعض الشيعة، ولا يصح على قاعدتهم في الرجوع في المخالفات إلى ( علي ) رضي الله عنه فقد صحّ عنه أنها نسخت، ونقل البيهقي عن ( جعفر بن محمد ) أنه سئل عن المتعة فقال : هي الزنى بعينه، فبطل بذلك كل مزاعم الشيعة.