دليل المذهب الأول :
احتج الشافعية والحنابلة على عدم وجود القصر بأدلة نوجزها فيما يلي :
أ - إن ظاهر قوله تعالى :﴿ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصلاوة ﴾ يشعر بعدم الوجوب، لأن رفع الجناح يدل على الإباحة لا على الوجوب، ولو كان القصر واجباً لجاء اللفظ بقوله : فعليكم أن تقصروا من الصلاة، أو فاقصروا الصلاة.
ب - ما روي أن عائشة اعتمرت مع رسول الله ﷺ من المدينة إلى مكة، فلما قدمت مكة قالت يا رسول الله قصرتُ وأتممتُ، وصمتُ وأفطرت، فقال : أحسنتِ يا عائشة ولم يَعِبْ عليّ.
ج - وقالوا : إن عثمان كان يتم ويقصر ولم ينكر عليه أحد الصحابة فدل على أن القصر رخصة.
د - وقالوا مما يدل على ما ذكرناه أن رخص السفر جاءت على التخيير كالصوم والإفطار، فكذلك القصر.
دليل المذهب الثاني :
واستدل الحنفية على وجوب قصر الصلاة في السفر بأدلة نوجزها فيما يلي :
أ - ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : صلاة السفر ركعتان تمامٌ غير قصر على لسان نبيكم ﷺ.
ب - إن النبي ﷺ التزم القصر في أسفاره كلها، فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال :« كان رسول الله ﷺ إذا خرج مسافراً صلّى ركعتين حتى يرجع ».
ج - ما روي عن ( عمران بن حصين ) قال :« حججتُ مع النبي ﷺ فكان يصلي ركعتين حتى يرجع إلى المدينة، وأقام بمكة ثماني عشرة لا يصلي إلا ركعتين، وقال لأهل مكة : صلوا أربعاً فإنّا قوم سَفْرٌ ».
د - وقال ابن عمر : صحبت رسول الله ﷺ في السفر فلم يزد على ركعتين، وصحبت أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم في السفر فلم يزيدوا على ركعتين حتى قبضهم الله تعالى، وقد قال الله تعالى :﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [ الأحزاب : ٢١ ].
ه - وما روي عن عائشة الثابت في الصحيح « فرضت الصلاة ركعتين، ركعتين، فزيدت في الحضر وأُقرّت في السفر ».
قالوا : فهذه هي صلاة رسول الله ﷺ فوجب اتباعه وقد قال عليه السلام :« صلوا كما رأيتموني أصلي » فلمّا صلىّ في السفر ركعتين دلّ على أنه هو المفروض.
الحكم الثاني : السفر الذي يبيح قصر الصلاة.
اختلف الفقهاء في السفر الذي يبيح قصر الصلاة، فذهب بعضهم إلى أنه لا بدّ أن يكون ( سفر طاعة ) كالجهاد، والحج، والعمرة، وطلب العلم أو غير ذلك أو أن يكون مباحاً كالتجارة، والسياحة، وغير ذلك وهذا هو مذهب ( الشافعية والحنابلة ).
وقال مالك : كل سفر مباح يجوز فيه قصر الصلاة، فقد


الصفحة التالية
Icon