﴿ فاجتنبوا الرجس مِنَ الأوثان ﴾ [ الحج : ٣٠ ] ومعلوم أنه ليس هناك ذنب أعظم من الإشراك بالله فتنبه له فإنه دقيق.
اللطيفة الثانية : قوله تعالى :﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ ﴾ ؟ استفهام ومعناه الأمر أي انتهوا، فقد خرج عن صيغته الأصلية إلى معنى الأمر أي انتهوا عن ذلك.
قال الفرّاء : ردّد عليّ أعرابي : هل أنتَ ساكتٌ؟ وهو يريد : اسكت، اسكت. أقول : ومما يدل على ذلك قول عمر رضي الله عنه لما سمع الآية : انتهينا ربنا، انتهينا ربنا.
اللطيفة الثانية : لم يُذكر في القرآن الكريم تعليلُ الأحكام إلاّ بالإيجاز، أمّا هنا فقد ذكر بالإطناب والتفصيل، وذكرت فيه الأسباب لتحريم الخمر والميسر بالإسهاب، منها : إلقاء العداوة والبغضاء بين المؤمنين، والصدّ عن ذكر الله، وشغل المؤمنين عن الصلاة، كما وصفت الخمر والميسر بأنها رجس، وأنها من عمل الشيطان إلخ وكل ذلك ليشير إلى الضرر العظيم، والخطر الجسيم، من جراء اقتراف هاتين الرذيلتين ( جريمة القمار ) و ( جريمة تناول المسكرات ) استمع إلى قوله تعالى :﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشيطان أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العداوة والبغضآء فِي الخمر والميسر وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ الله وَعَنِ الصلاة فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ ﴾ ؟
اللطيفة الرابعة : قوله تعالى :﴿ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فاعلموا أَنَّمَا على رَسُولِنَا البلاغ المبين ﴾ ظاهر اللفظ الإخبار، وحقيقته الوعيد والتهديد، فكأنه تعالى يقول : ليس على رسولي إلا أن يبلّغكم وحسابكم عليّ يوم الدين ﴿ إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ﴾ [ الغاشية : ٢٥-٢٦ ].
الأحكام الشرعية
الحكم الأول : ما هي أنواع اليمين؟
قسم العلماء اليمين إلى ثلاثة أقسام :( لغو، ومنعقدة، وغموس ).
فأما اللغو : فهي اليمين التي لا يتعلق بها حكم، وقد ورد عن عائشة أنها قالت : اللغو هو كلام الرجل : لا والله، وبلى والله، روي ذلك عنها مرفوعاً.
وروي عن ابن عباس في لغو اليمين أن تحلف على الأمر أنه كذلك وليس كذلك، أي أن يحلف على ظنه واعتقاده فيتبيّن الأمر خلافه، وقد تقدم هذا في سورة البقرة.
وأمّا المنعقدة : فهي أن يحلف على أمرٍ في المستقبل بأن يفعله أو لا يفعله ثم يحنث في يمينه، فهذه يجب فيها الكفارة كما فصّلها القرآن الكريم.
وأما الغموس : فهي اليمين التي يتعمد فيها الإنسان الكذب كقوله : والله ما فعلت كذا وقد فعله، أو والله لقد فعلتُ كذا ولم يفعله، وسمّي غموساً لأنه يغمس صاحبه في نار جهنم، وذنبه أعظم من أن يكفّر؛ لأنه استهان بعظمة الله جلّ وعلا حين حلف كاذباً. روى الدارقطني في « سننه » عن علقمة عن عبد الله أنه قال : الأيمان أربعة : يمينان يُكفّران، ويمينان لا يُكفّران، فاليمينان اللذان يُكفّران فالرجلُ الذي يحلف والله لا أفعل كذا وكذا فيفعل، والرجل الذي يقول : والله لأفعلنّ كذا وكذا فلا يفعل، واليمينان اللذان لا يُكفّران فالرجل يحلف والله ما فعلتُ كذا وكذا وقد فعل، والرجل يحلف لقد فعلتُ كذا وكذا ولم يفعله.