لطائف التفسير
اللطيفة الأولى : التنكير في قوله تعالى :﴿ مِّن شَيْءٍ ﴾ يفيد التقليل أي أي شيء كان، سواء كان هذا الشيء قليلاً أو كثيراً، عظيماً أو حقيراً، حتى الخيط والمخيط ( الإبرة ).
اللطيفة الثانية : ذكرُ الله تعالى في القسمة في قوله تعالى :﴿ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ ﴾ لتعليمنا التبرك بذكر اسم الله المعظم، واستفتاح الأمور باسمه تعالى، ولا يقصد منه أن الخمس يقسم على ستة منها ( الله ) فإنّ الله الدنيا والآخرة، والله هو الغني الحميد، أو يراد منه إنفاقه في سبيل الله فيكون الكلام على ( حذف مضاف ).
اللطيفة الثالثة : قوله تعالى :﴿ وَمَآ أَنزَلْنَا على عَبْدِنَا ﴾ المراد به محمد ﷺ وإنما لم يذكره باسمه تعظيماً له وتكريماً، لأن أعظم وأشرف أوصاف الرسول ﷺ وصفه بالعبودية، وهذا هو السر في ذكره في سورة الإسراء بهذا الوصف الجليل ﴿ سُبْحَانَ الذى أسرى بِعَبْدِهِ ﴾ [ الإسراء : ١ ] وإضافة العبد إليه تعالى تشعر بكمال العناية والتكريم كما قال أحد العارفين :

وممّا زادني شرفاً وتيهاً وكدتُ بأخمصي أطَأ الثُريّا
دخولي تحت قولك « يا عبادي » وإنْ صيّرْتَ « أحمد » لي نبياً
فائدة هامة : قال المراغي : في « تفسيره » وإنما خص الرسول ﷺ من ذي القربى بني هاشم، وبني المطلب دون بني عبد شمس، ونوفل لأن قريشاً لما كتبت وأخرجت بني هاشم من مكة وحصرتهم في الشعب، لأنهم ناصروا الرسول ﷺ دخل معهم فيه بنو المطلب ولم يدخل بنو عبد شمس ولا بنو نوفل لذلك خصهم ﷺ بالقسمة تكريماً لهم وتقديراً.
الأحكام الشرعية
الحكم الأول : هل الغنيمة والفيء شيء واحد؟!
بينا فيما سبق التعريف لكلٍ من الغنيمة والفيء. وقد اختلف العلماء فيهما :
فقال بعضهم : الغنيمة ما أخذ عَنوة من الكفار في الحرب. والفيء ما أخذ عن صلح.. وهذا قول الشافعي.
وقال بعضهم : الغنيمة ما أخذ من مال منقول. والفيء هو مال غير المنقول كالأرضين والعقارات وغيرها.. وهذا قول مجاهد.
وقيل : الغنيمة والفيء بمعنى واحد. والصحيح الأول وهو ما ذهب إليه الشافعي رحمه الله.
قال القرطبي : واعلم أن الاتفاق حاصل على أن المراد بقوله تعالى :﴿ غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ ﴾ مال الكفار إذا ظفر به المسلمون على وجه الغلبة والقهر، ولا تقتضي اللغة هذا التخصيص على ما بينا، ولكنْ عُرْفُ الشرع قيّد اللفظ بهذا النوع. وسمّى الشرع المال الواصل إلينا من الكفار باسمين :( غنيمة ) و ( فيء ) فالشيء الذي يناله المسلمون من عدوهم بالسعي وإيجاف الخيل والركاب « غنيمة » ولزم هذا الاسم هذا المعنى حتى صار عرفاً، والفيء مأخوذ من فاء يفيء إذا رجع وهو كل مال دخل على المسلمين من غير حرب ولا إيجاف كخراج الأرضين.


الصفحة التالية
Icon