ومما يدل على أن البدنة أو البقرة تجزئ عن سبعة ما رواه جابر رضي الله عنه أنه قال :« حججنا مع رسول الله ﷺ فنحرنا البعير عن سبعةٍ، والبقرة عن سبعةٍ ».
وللمرء أن يهدي للحرم ما يشاء من النعم، وقد أهدى رسول الله ﷺ مائةً من الإبل، وكان هديه عليه السلام هدي تطوع.
الحكم الثالث : الأكل من لحوم الهدي.
أمر الله تعالى بالأكل من لحوم الهدي في قوله جل ثناؤه ﴿ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ البآئس الفقير ﴾ [ الحج : ٢٨ ] وهذا الأمر يتناول بظاهره ( هدي التمتع ) و ( هدي التطوع ) والهدي الواجب بسبب ارتكاب بعض المحظورات في الحج أو العمرة.
وقد اختلف الفقهاء في ذلك على عدة أقوال نلخّصها فيما يلي :
١ - ذهب أبو حنيفة وأحمد إلى جواز الأكل من هدي التمتع، وهدْي القِران، وهدي التطوع، ولا يأكل من دم الجزاء.
وقال مالك رحمه الله : يأكل من هدي التمتع، والقِران، والهدي الذي ساقه لفساد حجه أو لفوات الحج، ومن الهدي كله إلا فدية الأذى، وجزاء الصيد، وما نذره للمساكين.
وقال الشافعي رحمه الله : لا يجوز الأكل من الهدي الواجب مثل دم الجزاء، وجزاء الصيد، وهدي التمتع والقِران، وإفساد الحج، وكذلك ما كان نذراً أوجبه على نفسه.
أمّا كان تطوعاً فله أن يأكل منه ويُهدي، ويتصدّق، فأباح الأكل من هدي التطوع فحسب.
ومبنى الخلاف بين الجمهور والإمام الشافعي في ( هدي التمتع ) أنّ الدم الواجب عندهم دم شكر فيباح له أن يأكل منه، وعنده أنه دم جزاء فلا يباح الأكل منه والتفصيل في كتب الفروع.
وقد استدل الإمام الشافعي على وجوب إطعام الفقراء من الهدايا بقوله تعالى :﴿ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ القانع والمعتر ﴾ وقوله :﴿ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ البآئس الفقير ﴾ [ الحج : ٢٨ ].
وقال أبو حنيفة : إن الإطعام مندوب، لأنها دماء نُسُك فتتحقق القربة فيها بإراقة الدم، أما إطعام الفقراء فهو باق على حكمه العام وهو الندب.
الحكم الرابع : وقت الذبح ومكانه.
اختلف العلماء في وقت ذبح الهدي.
فعند الشافعي : أن وقت ذبحه يوم النحر، وأيام التشريق ( الثاني والثالث والرابع ) من أيام عيد الأضحى، لقوله ﷺ :« وكلّ أيام التشريق نحرٌ » فإن فات وقته ذبح الهدي الواجب قضاءً وأثم بالتأخير.
وعند مالك وأحمد أن وقت ذبح الهدي - سواءً كان واجباً أمّ تطوعاً - أيام النحر ( الأول والثاني والثالث ) من أيام عيد الأضحى، ولا يصح الذبح في اليوم الرابع.
ووافق الحنفية مذهب مالك وأحمد بالنسبة لهدي التمتع والقرآن، وأما النذر، والكفارات، والتطوع فيذبح في أي وقت كان.
وحكي عن النخي : أن وقت الذبح يمتد من يوم النحر، إلى آخر ذي الحجة.
وأما مكان الذبح - سواءً كان واجباً أم تطوعاً - فهو الحرم لقوله تعالى :