التحليل اللفظي
﴿ سُورَةٌ ﴾ : السورة في اللغة معناها المنزلة السامية والمكانة الرفيعة، قال النابغة :
« ألم تر أن الله أعطاك سورةً... تَرى كلَّ مَلْك دونها يتذبذب »
وهي في الاصطلاح : مجموعة من الآيات الكريمة لها بدء ونهاية كسورة الكوثر. وسميت ( سورة ) لشرفها وارتفاعها، كما يسمّي السور للمرتفع من الجدار.
﴿ أنزلناها ﴾ : المراد : أوحينا بها إليك يا محمد، ولعل السر في التعبير بالإنزال الذي يشعر بالنزول مع العلو هو الإشارة إلى أن هذا القرآن هو من عند الله تعالى لا من تأليف محمد كما زعم المشركون.
﴿ وفرضناها ﴾ : أي أوجبنا ما فيها من الأحكام إيجاباً قطعياً. وأصلُ الفرض قطع الشيء الصلب والتأثير فيه والمراد به هنا الإيجاب على أتم وجه، وفي ذكر ذلك براعة استهلال على ما قيل، وقرئ بالتشديد ﴿ فرضناها ﴾ للمبالغة، ولتأكيد الإيجاب، ولتعدد الفرائض وكثرتها.
﴿ آيات بينات ﴾ : الآيات جمع ( آية ) وهي قد ترد بمعنى الآية القرآنية، وقد ترد بمعنى العلامة، أو الشاهد على القدرة الإلهية، مثل قوله تعالى :﴿ وَآيَةٌ لَّهُمُ اليل نَسْلَخُ مِنْهُ النهار ﴾ [ يس : ٣٧ ] وقوله :﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ الجوار فِي البحر كالأعلام ﴾ [ الشورى : ٣٢ ] وقول الشاعر :
وفي كلِّ شيءٍ له آيةٌ... تدل على أنه واحد
ومعنى ( بينات ) أي واضحات، فإن أريد بالآيات ( الآيات القرآنية ) كان المعنى أنها واضحات الدلالة على أحكامها، مثل الآيات التي فيها أحكام الزنى، والقذف، واللعان وغيرها، وإن أريد بالآيات ( الآيات الكونيّة ) كان المعنى أنها واضحات الدلالة على وحدانية الله، وكمال قدرته مثل التأليف بين السحاب، ووميض البرق ولمعانه، وتقليب الليل والنهار، واختلاف المخلوقات في أشكالها، وهيئاتها، وطبائعها، مع اتحاد المادة التي خلقت منها. إلى غير ما هنالك من أدلة التوحيد، وشواهد القدرة.
﴿ تَذَكَّرُونَ ﴾ : مضارع حذف منه إحدى التائين وأصلها تتذكرون. ومعنى التذكر أن يعاد إلى الذاكرة الشيء الذي غاب عنها، والمراد به هنا الاتعاظ والاعتبار أي ( لعلكم تعتبرون وتتعظون ).
﴿ الزانية والزاني ﴾ : الزنى في اللغة : الوطء المحرّم، وفي الشرع :( وطءَ الرجل المرأةَ في الفرج من غير نكاحٍ ولا شبهة نكاح ) ويسمى الفاحشة قال تعالى :﴿ واللاتي يَأْتِينَ الفاحشة مِن نِّسَآئِكُمْ... ﴾ [ النساء : ١٥ ] الآية وقال تعالى :﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزنى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً ﴾ [ الإسراء : ٣٢ ].
وهو في اللغة الفصحى - لغة أهل الحجاز - مقصورٌ، وقد يمد في لغة - أهل نجد -٠ فيقال الزناء وعليه قول الفرزدق :
أبا طاهرٍ من يزنِ يعرف زناؤه... ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكراً
قال القرطبي : كان الزنى في اللغة معروفاً قبل الشرع مثل اسم ( السرقة ) و ( القتل ) وهو اسم لوطء الرجل امرأة في فرجها من غير نكاح ولا شبهة نكاح، وإن شئت قلت : هو إدخال فرجٍ في فرجٍ مشتهى طبعاً محرّمٍ شرعاً.
﴿ فاجلدوا ﴾ : الجَلد بفتح الجيم ضرب الجِلد بكسرها، قال الألوسي : وقد اطرد صوغ ( فَعَل ) الثلاثي المفتوح العين من أسماء الأعيان فيقال : رأسَه، وظَهرَه، وبَطنَه، إذا ضرب رأسه وظهره وبطنه.