جنبنا الله السوء والفاحشة. بمنّه وكرمه آمين.
وجوه القراءات
١- قوله تعالى :﴿ وَفَرَضْنَاهَا ﴾ قرئ بالتخفيف والتشديد، فقراء التخفيف ﴿ فَرَضْناها ﴾ بمعنى أوجبنا وألزمنا العمل بما فيها من الأحكام إيجاباً قطعياً وقراءة التشديد ﴿ فرّضْناها ﴾ لتأكيد الايجاب أو المبالغة في لزومه وقيل : هو على التكثير، أي لكثرة ما فيها من الفرائض كأحكام الزنى، والقذف، واللعان، والأمر بالحجاب، والاستئذان وغضّ البصر، وغير ذلك.
٢- قوله تعالى :﴿ الزانية والزاني ﴾ قرأ الجمهور بالرفع وقرئ بالنصب ( الزانية ) واختار الخليل وسيبوية الرفع اختيار الأكثرين. قال الزجاج : والرفع أقوى في العربية لأن معناه : من زنى فاجلدوه فتأويله الابتداء ويجوز النصب على معنى : اجلدوا الزانية.
٣- قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ ﴾ قرأ الضحاك والأعمش ﴿ ولا يأخذكم ﴾ بالياء بدل التاء وقوله تعالى :﴿ رَأْفَةٌ ﴾ بإسكان الهمزة هي القراءة المشهور وقرئ ﴿ رَأَفة ﴾ بفتح الهمزة قال القرطبي : وفيه ثلاث لغات :( رَأَفة، ورأْفة، ورآفة ) بالمد وهي كلها مصادر أشهرها الأولى.
٤- قوله تعالى :﴿ الزاني لاَ يَنكِحُ ﴾ بضم الحاء وقرئ بإسكانها ﴿ لا ينكحْ ﴾ فالأولى ( نفيٌ )، والثانية ( نهيٌ )، وقوله تعالى :﴿ وَحُرِّمَ ذلك ﴾ قرئ بالتشديد أي بضم الحاء وتشديد الراء، وقرئ بالتخفيف ﴿ وحَرُم ﴾ بفتح الحاء وضم الراء - قال ابن الجوزي : وقرأ أُبيَّ بن كعب ﴿ وحَرَم اللَّهُ ﴾ بزيادة اسم الله تعالى مع فتح حروف ( حَرّم ).
وجوه الإعراب
١- قوله تعالى :﴿ سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا ﴾ سورة خبر لمبتدأ محذوف تقديره : هذه سورة، وإنما قدرنا ذلك لأنها نكرة، والمشهورُ عند علماء النحو أنه لا يجوز الابتداء بالنكرة كما قال ابن مالك :

ولا يجوز الابتدا بالنكرة مال لم تفد كعند زيد نمرة
وجوَّز بعضهم أن تكون مبتدأ لأنها موصوفة بجملة ( أنزلناها ) وهو رأي ( الأخفش ) قال القرطبي : ويحتمل أن يكون قوله ( سورة ) ابتداء وما بعدها صفة لها أخرجتها عن حد النكرة المحضة فحسن الابتداء لذلك.
ويرى ( الزمخشري ) أنه يجوز أن تكون مبتدأ موصوفاً والخبر محذوف تقديره فيما أوحينا إليك سورة أنزلناها، وقد رد العلامة ( أبو السعود ) هذا الرأي وقال : وأما كونها متبدأ محذوف الخبر على أن يكون التقدير :( فيما أوحينا إليك سورةٌ أنزلناها ) الخ فيأباه أنّ مقتضى المقام بيان شأن هذه السورة الكريمة لا أن في جملة ما أوحي إلى النبي ﷺ سورة شأنها كذا وكذا. وحملها على السورة الكريمة بمعونة المقام يوهم أن غيرها من السور الكريمة ليست على تلك الصفات.
٢- قوله :﴿ أَنزَلْنَاهَا ﴾ الجملة من الفعل والفاعل في محل رفع ( صفة ) لأن الجمل من بعد النكرات صفات. كما يقول علماء النحو.
٣- قوله :﴿ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ لعل للترجي وهي من أخوات ( إنَّ ) والكاف في محل نصب اسم لعل، وجملة ( تَذكَّرون ) من الفعل والفاعل في محل رفع خبرها.
٤- قوله :﴿ الزانية والزاني ﴾ الزانية مبتدأ والزاني معطوف عليها والخبر هو جملة ( فاجلدوا ) والتقدير الزانية والزاني مجدلودان في حكم الله أو ينبغي أن يُجْلدا، وإنما دخلت الفاء على الخبر لأن في الجملة معنى الشرط أي من زنى أو من زنت فاجلدوهما مائة جلدة، وأما قراءة النصب ( الزَّانيةَ والزاني ) فهو منصوب بفعل محذوف يفسِّره المذكور أي اجلدوا الزانيةَ واجلدوا الزاني.


الصفحة التالية
Icon