فأمر به فرجم، فأنزل الله تعالى ﴿ ياأيها الرسول لاَ يَحْزُنكَ الذين يُسَارِعُونَ فِي الكفر ﴾ إلى قوله ﴿ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ ﴾ [ المائدة : ٤١ ] يقولون : ائتوا محمداً، فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا... « فقد رجم رسول الله ﷺ اليهوديين فإن كان ذلك حكماً بشرعِهِ فالأمرُ ظاهر، وإن كان حكماً بشرع من قبله فقد صار شرعاً له.
٣- وقالوا : إنّ زنى الكافر مثل زنى المسلم في الحاجة إلى الزَّاجر فلذا يرجم.
٤- وتأولوا حيدث ( من أشرك بالله فليس بمحصن ) بأن المراد به ليس على قاذف المشرك عقوبة كما تجب على قاذف المسلم العفيف.
٥- وأجابوا على القياس على حد القذف، بأن حد القذف ثبت لرفع العار كرامةً للمقذوف، والكافرُ لا يكون محلاً للكرامة...
الترجيح : ولعلَّ ما ذهب إلأيه الشافعية أرجح لقوة أدلتهم حيث أن النبي ﷺ رجم الزانيين من اليهود فكان ذلك حجَّةً واضحة.
الحكم السادس : من الذي يتولى إقامة الحدود؟
الظاهر من قوله تعالى :﴿ فاجلدوا ﴾ أنه خطاب موجه ( لأولي الأمر ) من الحكام لأن فيه مصلحة للمجتمع وذلك بدرء الفساد، واستصلاح العباد وكلُّ ما كان من قبيل المصلحة العامة، فإنما يكون تنفيذه على الإمام أو من ينيبه من القضاء أو الولاة أو غيرهم. وقد اتفق العلماء على أن الذي يقيم الحدود على الأحرار إنما هو الإمام أو نائبه أما الأرقاء ( العبيد ) فقد اختلفوا فيهم على مذهبين :
أ- مذهب ( مالك والشافعي وأحمد ) قالوا : يجوز للسيد أن يقيم الحد على بعده وأمته في الزنى والخمر والقذف وأما السرقة فإنه من حقّ الإمام.
ب- مذهب ( الأحناف ) : قالوا : إقامة الحدود كلها من حق الإمام، ولا يملك السيد أن يقيم حدّاً ما إلى بإذن الإمام.
تحجة الجمهور : احتج الجمهور بنصوص من السنة النبوية وبآثار عن الصحابة نلخصها فيما يلي : ١- حديث أبي هريرة ( إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحدّ ولا يُثَرّبْ ثمَّ إن زنت فليبعها ولو بحبل من شعر ).
قالوا : فقد أذن الرسول ﷺ للسيد بإقامة الحد على العبد، ومعنى لا يثرّب : أي لا يجاوز الحدّ في الجلد ولا يبالغ فيه.