﴿ والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلها آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النفس التي حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق وَلاَ يَزْنُونَ ﴾ [ الفرقان : ٦٨ ] وفي قوله :﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزنى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً ﴾ [ الإسراء : ٣٢ ] ولذلك وفّى الله في عقد المائة بكماله، وشرع فيه القَتْلَة الهُوْلة وهي الرجم ونهى المؤمنين عن الرأفة بالمجلود وأمر بشهادة الطائفة للتشهير فوجب أن يكون طائفة يحصل بها التشهير، والواحد والاثنان ليسوا بتلك المثابة، واختصاصه المؤمنين لأن ذلك أفضح والفاسق بين صلحاء قومه أخجل ويسهد له قول ابن عباس رضي الله عنهما : أربعة إلىأربعين رجلاً من المصدِّقين بالله ).
الحكم الحادي عشر : ما هو حكم اللواط، والسحاق، وإتيان البهائم؟!
جريمة اللواط من أشنع الجرائم وأقبحها، وهي تدل على انحراف في الفطرة، وفساد في العقل، وشذوذ في النفس ومعنى ( اللواط ) أن ينكح الرجلُ الرجلَ، ويأتيَ الذكرُ الذكرَ، كما قال تعالى عن قوم لوط ﴿ أَتَأْتُونَ الذكران مِنَ العالمين * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ [ الشعراء : ١٦٥ - ١٦٦ ] ؟ - وسميت باللواط نسبة إلى قوم ( لوط ) الذين ظهرت فيهم هذه الفعلة الشنيعة، وقد عاقبهم الله تعالى عليها بأقسى عقوبة، فخسب الأرض بهم، وأمطر عليهم حجار من سجيل جزاء فَعْلتهم القذرة... وجعل ذلك قرآناً يتلى، ليقي عبرةً للأمم والأجيال ﴿ فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظالمين بِبَعِيدٍ ﴾ [ هود : ٨٢ - ٨٣ ].
قال الشوكاني رحمه الله :( وما أحق مرتكب هذه الجريمة، ومقارف هذه الرذيلة الذميمة، بأن يعاقب عقوبة يصير بها عبرة للمعتبرين ويعذب تعذيباً يكسِرُ شهوة الفسقة المتمردين، فحقيق بمن أتى بفاحشة قوم ما سبقهم بها من أحد من العالمين أن يَصْلى من العقوبة بما يكون في الشدة والشناعة مشبهاً لعقوبتهم وقد خسف الله تعالى بهم واستأصل بذلك العذاب بِكْرَهُم وثيبّهم ).
رأي الفقهاء في حكم اللواط :
وهذه الجريمة النكراء غاية في القبح والشناعة، تعافها حتى الحيوانات فلا نكاد نجد حيواناً من الذكور ينزو على ذكر، وإنما يظهر هذا الشذوذ بين البشر، ومن أجل ذلك نستطيع أن نقول إنَّ هذا النوع من الشذوذ ( لوثة أخلاقية )، ومرض نفسي خطير وهو انحراف بالفطرة تستوجب أخذ مقترفها بالشدة، وقد اختلف الفقهاء في تقدير العقوبة اللازمة لها على ثلاثة مذاهب :
أولاً : مذهب القائلين بالقتل مطلقاً.
ثانياً : مذهب القائلين بأن حده كحد الزنى.
ثالثاً : مذهب القائلين بالتعزير.
المذهب الأول :
أما المذهب الأول فهو مذهب ( مالك وأحمد ) وقول ( للشافعي ) وقد ذهبوا إلى أنّ حدّه القتل، سواء كان بكراً أم ثيباً، فاعلاً أو مفعولاً به، وهذا القول مروي عن أبي بكر وعمر وابن عباس رضوان الله عليهم أجمعين وإليه ذهبت طائفة من العلماء، ونقل بعض الحنابلة إجماع الصحابة على أن الحد في اللواط القتل.


الصفحة التالية
Icon