ومالك يرى قتل الساحر المسلم لا ساحر أهل الكتاب ويحكم بكفر الساحر ولكلٍ وجهه هو مولّيها..
ما ترشد إليه الآيات الكريمة
١ - التوراة كتاب الله الذي أنزله على موسى عليه السلام والقرآن مصدّق للتوراة.
٢ - نبذ اليهود ( التوراة ) ولم يعملوا بما فيها كما نبذ أخلافهم القرآن الكريم.
٣ - سليمان عليه السلام كان نبياً ملكاً. ولم يكن ساحراً محترفاً للسحر.
٤ - الشياطين زينوا للناس السحر، وأوهموهم أنهم يعلمون الغيب.
٥ - السحر له حقيقة وتأثير على النفس، حتى يستطيع الشخص بواسطته أن يفرق بين الرجل وأهله.
٦ - الله جل ثناؤه يختبر عباده بما شاء من الأمور ابتلاءً وتمحيصاً.
٧ - من تبدل السحر بكتاب الله فليس له في الآخرة نصيب من رحمة الله.
٨ - مدار الثواب والجزاء في الآخرة هو الإيمان بالله تعالى وإخلاص العمل له.
خاتمة البحث :
حكمة التشريع
لقد حرص الإسلام في كل تشريعاته على سلامة العقيدة في قلب المسلم. ليكون دائماً وأبداً متصلاً بالله، معتمداً عليه، مقراً له بالربوبية، مستعيناً به على شدائد هذه الحياة، لا يتوجه لغيره في دعاء، ولا يقر لسواه بأي تأثير، أو تحكم في قانون من قوانين الطبيعة التي خلقها الله تعالى، وسيَّرها بعلمه، وقدرته، وإرادته.
فالنجوم، والكواكب مسخرات بأمره - كغيرها من خلق الله - تسير وفق الخط المرسوم لها من الأزل، لا تؤثر حركتها على الإنسان الذي خلقه الله تعالى على هذه الأرض وقدّر له أرزاقه، وأعماره، فلا ينتهي عمر إنسان ما بظهور كوكب، أو اختفائه، ولا يزيد رزق امرئ، ولا ينقص عما قدره الله تعالى له، فكل شأن من شؤون الحياة مدبر بأمر الله.
فإن زعم إنسان أنه يعلم الغيب باتصاله بالكواكب، وتعظيمه لها. أو اتصاله بالجن والشياطين، ويستطيع بذلك أن يؤثر في قوانين هذه الحياة ويحكم في مسيرتها الطبيعية بما يخرجها عمّا رسم لها، يكون بذلك قد خالف شرعة الله التي أوضحها في كتابه، وتجاوز الحدود التي وضعت له، وخرج عن قانون الحنيفية السمحة، فلا جرم أن يحكم عليه بالكفر لتعظيمه غير الله، واستعانته بغير الخالق وإثباته التأثير في خلق الله لغير البارئ - والأذى بالناس، وقد يصل بذلك إلى التفريق بين المرء وزوجه، ولكنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً إلا بإذن الله تعالى.
وإذا كان السحر كفراً، وخروجاً عن شرعة الإسلام، فلا يمكن أن يوصف أحد من رسل الله تعالى بأنه ساحر، أو أنه كان يحكم بالسحر، ويأتي بالخوارق والمعجزات بهذا الأمر، ولهذا جاء القرآن كتاب الله المبين منزهاً سليمان بن داود عليه السلام عن أن يكون ساحراً، أو حاكماً بالسحر، أو آمراً به، فما زعمته بنو إسرائيل عن النبي الكريم - سليمان عليه السلام - زعم كاذب، وقول باطل، يدل على جهلهم، بل على ضلالهم عن سواء السبيل، وبعدهم عن الصراط المستقيم، فهم لم يعرفوا الله حق معرفته، ولم يعلموا ما يجب في حق الرسل - عليهم السلام - وما يستحيل، فالرسل الكرام منزهون عن الاستعانة بالشياطين، وإنما كان الجن مسخرين لسليمان عليه السلام بأمر الله تعالى لا بالسحر.
هذا هو شرع الله المتين، تنزيهٌ لله عن أن يشركه أحد من خلقه في التأثير، وتنزيهٌ لرسله الكرام عما يبعدهم عن سواء السبيل، وبيانٌ للمسلم عما يجب أن يعتقده.


الصفحة التالية
Icon