[ ٤ ] في أعقاب حادثة الإفك
التحليل اللفظي
﴿ يَأْتَلِ ﴾ : أي يحلف من ( الأليّة ) بمعنى الحلف، ووزنها ( يَفْتَعِلْ ) ومنه قوله تعالى :﴿ لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ﴾ [ البقرة : ٢٢٦ ] وقال بعضهم : معناه يقصّر من قولك : ألَوْتُ في كذا إذا قصّرت فيه ومنه قوله تعالى :﴿ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً ﴾ [ آل عمران : ١١٨ ].
قال الزمخشري :( يأتل ) من ائتلى إذا حلف : افتعال من الأليّة، وقيل : من قولهم : ما ألوت جهداً، إذا لم تدّخر منه شيئاً، ويشهد للأول قراءة الحسن : ولا يتألَّ والمعنى : لا يحلفوا على أن لا يحسنوا إلى المستحقين للإحسان.
﴿ أُوْلُواْ الفضل ﴾ : أصحاب الصلاح والدين، ومعنى الفضل الزيادة والمراد هنا أهل البر والدين والصلاح.
﴿ والسعة ﴾ : المراد بها السعة في الرزق والمال، الذين وسّع الله عليهم وأغناهم من فضله، قال الشاعر :

ومن يك ذا مال فيبخل بفضله على غيره يستغنى عنه ويذمم
﴿ أَن يؤتوا ﴾ قال ابن قتيبة معناه : أن لا يؤتوا، وقال القرطبي قوله تعالى :﴿ أَن يؤتوا ﴾ أي ألاّ يؤتوا فحذف ( لا ) كقول القائل :
فقلتُ يمينُ اللَّه أبرحُ قاعداً ولو قطعوا رأسي لديكِ وأوصالي
أقول : هذا الحذف وارد في كلام العرب ومثله قوله تعالى :﴿ يُبَيِّنُ الله لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ ﴾ [ النساء : ١٧٦ ] أي لئلا تضلّوا أو خشية أن تضلوا.
﴿ وَلْيَعْفُواْ ﴾ : أي يغفروا الزلات، من عفا الربع إذا محي أثره ودرس، فهو محو الذنب حتى يعفو كما يعفو أثر الربع.
﴿ المحصنات ﴾ : العفائف الشريفات الطاهرات، وقد تقدم معنى الإحصان فيما سبق.
﴿ الغافلات ﴾ : جمع غافلة وهي التي غفلت عن الفاحشة، بحيث لا تخطر ببالها، وقيل : هي السليمة الصدر، النقية القلب، التي ليس فيها دهاء ولا مكر، لأنها لم تجرب الأمور، ولم تزن الأحوال، فلا تفطن لما تفطن له المجرِّبة العارفة.
﴿ لُعِنُواْ ﴾ : اللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله تعالى ﴿ وَمَن يَلْعَنِ الله فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً ﴾ [ النساء : ٥٢ ] وقد يراد به الذكر السَّيِّئ أو الحد ( الجلد ) كما في هذه الآية حيث أقيم عليهم حد القذف.
﴿ تَشْهَدُ ﴾ : تقر وتعترف، وشهادة الألسنة إقرارها بما تكلموا به من الفرية، وهؤلاء غير الذين يختم على أفواههم. وقال ابن جرير : المعنى أنّ ألسنة بعضهم تشهد على بعض بما كانوا يعملون من القذف والبهتان.
﴿ يُوَفِّيهِمُ ﴾ : التوفية إعطاء الشيء وافياً، يقال : تَوفّى حقه إذا أخذه كاملاً غير منقوص.
﴿ دِينَهُمُ الحق ﴾ : أي حسابهم العدل، أو جزاءهم الواجب، والدين في اللغة بمعنى الجزاء، ومنه قوله ﷺ « إعمل ما شئت كما تدين تدان » أي كما تفعل تجزى.
﴿ الخبيثات لِلْخَبِيثِينَ ﴾ : المعنى الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال، وهو جمع خبيثة وخبيث، والخبيثُ الذي يعمل الفواحش والمنكرات سمّى خبيثاً لخبث باطنه وسوء عمله قال تعالى :


الصفحة التالية
Icon