﴿ إِنَّ الذين جَآءُوا بالإفك عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ ﴾ [ النور : ١١ ] الآية في عائشة وفيمن قال لها ما قال، قال أبو بكر :- وكان ينفق على مسطح لقرابته وحاجته - والله لا أنفق على مسطح شيئاً أبداً، ولا أنفعه بنفع أبداً، بعد الذي قال لعائشة ما قال، وأدخل عليها ما أدخل، قالت فأنزل الله في ذلك :﴿ وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ الفضل مِنكُمْ والسعة أَن يؤتوا أُوْلِي القربى... ﴾ الآية قالت : فقال أبو بكر : والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجّع إلى مسطح نفقته التي كان ينفق عليه، وقال :« والله لا أنزعها منه أبداً »
٢- وأخرج ابن المنذر عن عائشة رضي الله عنها قالت :( كان مسطح بن أثاثة ) ممن تولى كِبْرَه أهل الإفك، وكان قريباً لأبي بكر، وكان في عياله، فحلف أبو بكر رضي الله عنه أن لا ينيله خيراً أبداً فأنزل الله ﴿ وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ الفضل مِنكُمْ والسعة ﴾ الآية قالت : فأعاده أبو بكر إلى عياله، وقال : لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها، إلاّ تحلّلتها وأتيت الذي هو خير.
وفي رواية أخرى أن نبيّ الله ﷺ دعا أبا بكر فتلاها عليه، فقال : ألا تحب أن يغفر الله لك؟ قال : بلى، قال : فاعف عنه وتجاوز، فقال أبو بكر : لا جرم والله لا أمنعه معروفاً كنت أوليه قبل اليوم، وضعّف له بعد ذلك فكان يعطيه ضِعْفي ما كان يعطيه.
وجوه القراءات
١- قرأ الجمهور ﴿ ولا يأتل ﴾ على وزن ( يفتعِل ) وقرأ الحسن وأبو العالية ﴿ ولا يتألّ ﴾ بهمزة مفتوحة مع تشديد اللام على وزن ( يتعَلَّ ) وهو مضارع تألى بمعنى حلف قال الشاعر :

تألّى ابن أوس حِلفةً ليردّني إلى نسوة لي كأنهن مقائد
وهذه القراءة تؤيد المعنى الأول ليأتل. وليس كما قال أبو عبيدة إنه من ( الألْو ) بوزن الدلو بمعنى لا يقصّر، واستشهد بقوله تعالى :﴿ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً ﴾ [ آل عمران : ١١٨ ] فإنّ سبب النزول يؤيد الرأي الأول.
٢- قرأ الجمهور ﴿ أن يؤتوا ﴾ وقرأ أبو حيوة ﴿ أن تُؤتوا ﴾ بتاء الخطاب على طريق الالتفات.
٣- قوله :﴿ وَلْيَعْفُواْ وليصفحوا ﴾ قراءة الجمهور بالياء، وقرأ الحسن، وسفيان بن الحسين ﴿ ولتَعْفوا ولتَصْفحوا ﴾ بتاء الخطاب على وفق قوله تعالى :﴿ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ الله لَكُمْ ﴾.
٤- قرأ الجمهور ﴿ يوم تشهد ﴾ بالتاء، وقرأ حمزة والكسائي ﴿ يوم يشهد ﴾ بالياء بدل التاء، قال الألوسي : ووجهه ظاهر.


الصفحة التالية
Icon