وزيدَ في نفي وشبهِهِ فجَرّ نكرةً كما لباغٍ من مفر
و ( نُنسها ) معطوف على ( ننسخ ) والمعطوف على المجزوم مجزوم، و ( نأت ) جواب الشرط حذف منه حرف العلة، و ( بخيرٍ ) جار مجرور متعلق بنأت.
قال العكبري : ومن قرأ بضم النون ( نُنْسها ) حمله على معنى نأمرك بتركها وفيه مفعول محذوف والتقدير : نُنْسكها.
٢ - قوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
الهمزة للتقرير كما في قوله سبحانه :﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [ الشرح : ١ ] والخطابُ للنبي ﷺ، وقوله تعالى :﴿ أَنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ سادّ مسدّ مفعولي ( تعلم ) عند الجمهور، ومحل المفعول الأول عند الأخفش، والمفعول الثاني محذوف.
٣ - قوله تعالى :﴿ أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ موسى مِن قَبْلُ ﴾ أم منقطعة للإضراب ومعناها ( بل ) والتقدير : بل أتريدون، ﴿ كَمَا سُئِلَ ﴾ الكاف في موضع نصب صفة لمصدر محذوف أي سؤالاً كسؤال، و ( ما ) مصدرية.
لطائف التفسير
اللطيفة الأولى : ذكر الله تعالى النسخ في القرآن، وبيّن حكمته، وهو الإتيان بما هو خير للعباد، والخيرية تحتمل وجهين :
الأول : ما هو أخف على البشر من الأحكام.
الثاني : ما هو أصلح للناس من أمور الدنيا والدين.
قال القرطبي : والثاني أولى لأنه سبحانه يصرّف المكلّف على مصالحه، لا على ما هو أخف على طباعه، فقد ينسخ الحكم إلى ما هو أشد وأثقل، كنسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان، وذلك لخير العباد، لأنه يكون أكثر ثواباً، وأعظم جزاءً، فتبيّن أنّ المراد بالخيرية ما هو أصلح للعبد.
اللطيفة الثانية : أنكر بعض العلماء أن تحمل الآية ( أو نُنْسها ) على النسيان ضد الذكر، لأنّ لم يكن للنبي ﷺ حيث تكفّل الله جلت قدرته بأن يقرئه فلا ينسى ﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تنسى ﴾ [ الأعلى : ٦ ]، فهذه الآية تعارض التفسير السابق الذي ذهب إليه المفسّرون.
والجواب كما قال ابن عطية : أن هذا النسيان من النبي ﷺ لما أراد الله أن ينساه جائز شرعاً وعقلاً، وأمّا النسيان الذي هو آفة البشر فالنبي معصوم منه قبل التبليغ وبعده حتى يحفظه بعض الصحابة، ومن هذا ما روي « أن النبي ﷺ أسقط آية في الصلاة، فلما فرغ منها قال : أفي القوم أُبيّ؟ قال : نعم يا رسول الله، قال : فلِمَ لم تذكرني؟ قال : خشيت أن تكون قد رفعت، فقال النبي ﷺ : لم ترفع ولكني نسيتها ».
اللطيفة الثالثة : قوله تعالى :﴿ نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ﴾ المراد بالخيرية هنا الأفضلية يعني في ( السهولة والخفة ) وليس المراد الأفضلية في ( التلاوة والنظم ) لأن كلام الله تعالى لا يتفاضل بعضه عن بعض، إذ كلّه معجز وهو كلام ربّ العالمين.
قال القرطبي :« لفظة ( خير ) هنا صفة تفضيل، والمعنى بأنفع لكم أيها الناس في عاجل إن كانت الناسخة أخف، وفي آجل إن كانت أثقل، وبمثلها إن كان مستوية، وليس المراد ب ( أخير ) التفضيل، لأن كلام الله لا يتفاضل وإنما هو مثل قوله :


الصفحة التالية
Icon