الحكم الرابع : هل يستأذن على المحارم؟
ومن الآداب السامية أن يستأذن الإنسان على المحارم لما روي أن رجلاً قال للنبي ﷺ أأستأذن على أمي؟ قال : نعم، قال : إنها ليس لها خادم غير أفأستأذن عليها كما دخلت؟ قال : أتحب أن تراها عُريانة؟ قال الرجل : لا، قال فاستأذن عليها.
قال الفخر الرازي : واعلم أن ترك الاستئذان على المحارم وإن كان غير جائز، إلا أنه أيسر، لجواز النظر إلى شعرها وصدرها وساقها ونحوها من الأعضاء، والتحقيق فيه أن المنع من الهجوم على الغير إن كان لأجل أن ذلك الغير ربما كان منكشف الأعضاء فهذا دخل فيه الكل إلا ( الزوجات ) و ( ملك اليمين ). وإن كان لأجل أنه ربما كان مشتغلاً بأمر يكره اطلاع الغير عليه وجب أن يعمّ في الكل، حتى لا يكون له أن يدخل إلاّ بإذن.
الحكم الخامس : هل الاستئذان والسلام واجبان على الداخل؟
ظاهر الآية الكريمة أنه لا بد قبل الدخول من ( الاستئذان والسلام ) معاً، وعليه جمهور الفقهاء غير أنهما ليسا بمرتبة واحدة، فالاستئذان واجب والسلام مستحب، وذلك لأن الاستئذان من أجل البصر لئلا يقع نظره على عورات الناس، وقد جاء في الحديث الشريف « إنما جعل الاستئذان من أجل النظر » فكان واجباً. وأما السلام فهو من أجل المحبة والمودة كما قال ﷺ :« أوَلاَ أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشو السلام بينكم » فكان ذلك مندوباً، وقد أرشد إليه القرآن الكريم في مواطن عديدة فقال جل ثناؤه ﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ على أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ الله مُبَارَكَةً طَيِّبَةً... ﴾ [ النور : ٦١ ] الآية.
الحكم السادس : كيف يقف الزائر على الباب؟
من الآداب الشرعية في الاستئذان، ألا يستقبل الزائر الباب بوجهه، بل يجعله عن يمينه أو شماله، فقد صح أنه ﷺ كان إذا أتى باب قوم، لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر فيقول : السلام عليكم، السلام عليكم، وذلك لأن الدور لم يكن عليها حينئذ ستور.
وروي عن ( سعيد بن عبادة ) قال : جئت إلى النبي ﷺ وهو في بيته فقمت مقابل الباب فاستأذنت فأشار إلي أن تباعد، وقال : هل الاستئذان إلا من أجل النظر؟
وهذا الأدب ينبغي أن يلتزم به المسلم في عصرنا هذا فإن الدور ولو كانت مغلقة الأبواب فإن الطارق إذا استقبلها فإنه قد يقع نظره عند فتح الباب على ما لا يجوز أو ما يكره أهل البيت اطلاعه عليه.
الحكم السابع : هل يجب الاستئذان على النساء أو العميان؟
ظاهر الآية الكريمة يدل على أنه يجب الاستئذان على كل طارق سواء كان رجلاً أو امرأة، مبصراً أو أعمى، وبهذا قال جمهور العلماء وحجتهم في ذلك أن من العورات ما يدرك بالسمع ففي دخول الأعمى على أهل بيت بغير إذنهم ما يؤذيهم فقد يستمع الداخل إلى ما يجري من الحديث بين الرجل وزوجته فأما قوله عليه السلام :


الصفحة التالية
Icon