وقد دل على أن إظهار مواضع الحلي أبلغ وأبلغ في الزجر. وعلى أن كل ما يحرك الشهوة أو يثيرها منهي عنه، كالتعطر، والتطيب، والتبختر في المشية. والتلاين في الكلام ﴿ فَلاَ تَخْضَعْنَ بالقول فَيَطْمَعَ الذي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ﴾ [ الأحزاب : ٣٢ ] وقيل : إذا نهي عن استماع صوت حليهن، فعن استماع صوتهن بالطريق الأولى. وهو استدلال لطيف.
اللطيفة التاسعة : قوله تعالى :﴿ وتوبوا إِلَى الله ﴾ هو من باب ( الالتفات ) وتلوين الخطاب فقد كان الكلام في صدر الآية موجهاً للرسول ﷺ ثم صرف عن الرسول إلى الجميع بطريق ( الالتفات ).
اللطيفة العاشرة : قال الإمام ( ابن القيم ) رحمه الله : في غض البصر فوائد عديدة أحدها : امتثال أمر الله الذي هو غاية السعادة. ثانيها : أنه يمنع وصول أثر السهم لمسموم. ثالثها : أنه يقوي القلب ويفرحه. رابعها : أنه يورث في القلب أنساً في الله واجتماعاً عليه. خامسها : أنه يكسب القلب نوراً. سادسها : أنه يورث الفراسة الصادقة. سابعها : أنه يسد على الشيطان مداخله ثامنها : أنَّ بين العين والقلب منفذاً يوجب انفعال أحدهما بالآخر.
وقد أحسن من قال :
قالوا :
جُننتَ بمن تهوى فقلت لهم | العشقُ أعظم ممَّا بالمجانين |
العشق لا يستفيق الدهرّ صاحبه | وإنّما يُصرع المجنون في الحين |
الحكم الأول : ما هو حكم النظر إلى الأجنبيات؟
حَرَّمت الشريعة الإسلامية النظر إلى الأجنبيات فلا يحل لرجل أن ينظر إلى امرأة غير زوجته أو محارمه من النساء. أما نظرة الفجأة فلا إثم فيها ولا مؤاخذة لأنها خارجة عن إرادة الإنسان، فلم يكلفنا الله جل ثناؤه ما لا نطيق ولم يأمرنا أن نعصب أعيننا إذا مشينا في الطريق، فالنظرة إذا لم تكن بقصد لا مؤاخذة فيها وقد قال النبي ﷺ :« يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الثانية » وعن جرير بن عبد الله البجلي قال : سألت رسول الله ﷺ عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف بصري. والنظرة المفاجئة إنما تكون في أول وهلة ولا يحل لأحد إذا نظر إلى امرأة نظرة مفاجئة وأحس منها اللذة والاجتلاب أن يعود إلى النظرة مرة ثانية فإنْ ذلك مدعاة إلى الفتنة وطريق الفاحشة وقد عبر عنه النبي ﷺ بزنى العين؛ فقد ورد في « الصحيحين » :« كُتِبَ على ابن آدم حظُه من الزنى أدرك ذلك لا محالة، فزنى العين النظر وزنى اللسان النطق، وزنى الأذنيين الاستماع، وزنى اليدين البطش، وزنى الرجلين الخُطى، والنفس تمَنَّى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك ويكذبه ».
والمؤمن يؤجر على غض البصر لأنه كف عن المحارم وقد قال ﷺ :