وأما الزينة الظاهرة فقد قال ابن مسعود رضي الله عنه : ظاهر الزينة الثياب.
وقال مجاهد : الكحل والخاتم والخضاب. وقال سعيد بن جبير : الوجه والكفان وقد عرفت ما فيه من الأقوال للفقهاء. قال بان عطية :( ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية، أن المرأة مأمورة بألا تبدي شيئاً وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة ووقع الاستثناء - فيما يظهر - بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه أو إصلاح شأن ونحو ذلك ف ﴿ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ على هذا الوجه مما تؤدي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه ).
وأما الزينةُ الباطنة فلا يحل إبداؤها إلا لمن سمَّاهم الله تعالى في هذه الآية ﴿ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ ﴾ الآية وهم الزوج والمحارم من الرجال كما سنذكره قريباً.. وقد كان نساء الجاهلية يشددن خمرهن من خلفهن فتنكشف نحورهن وصدروهن فأمرت المسلمات أن يشددنها من الأمام ليتغطى بذلك أعناقهن ونحورهن وما يحيط بالرأس من شعر وزينة من الحلي في الأذن والقلائد في الأعناق وذلك قوله تعالى :﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبِهِنَّ ﴾ الآية.
الحكم الرابع : من هم المحارم الذين تبدي المرأة أمامهم زينتها؟
استثنى القرآن الكريم من الرجال الذين منعت أن تكشف المرأة أمامهم زينتها ( الخفية ) أصنافاً هم جميعاً من ( المحارم ) ما عدا الأزواج.
والعلة في ذلك هي الضرورة الداعية إلى المداخلة والمخالطة والمعاشرة حيث يكثر الدخول عليهن والنظر إليهن بسبب القرابة، والفتنةُ مأمونة من جهتهم وهم كالآتي :
أولاً : البعولة ( الأزواج ) فهؤلاء يباح لهم النظر إلى جميع البدن والاستمتاع بالزوجة بكل أنواعه الحلال.
قال القرطبي :( فالزوج والسيد يرى الزينة من المرأة وأكثر من الزينة إذ كل محلٍ من بدنها حلالٌ له لذة ونظراً ولهذا المعنى بدأ بالبعولة ).
ثانياً : الآباء وكذا الأجداد سواء كانوا من جهة الأب أو الأم لقوله تعالى :﴿ أَوْ آبَآئِهِنَّ ﴾.
ثالثاً : آباء الأزواج لقوله تعالى :﴿ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ ﴾.
رابعاً : أبناؤهن وأبناء أزواجهن، ويدخل فيه أولاد الأولاد وإن نزلوا لقوله تعالى :﴿ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ ﴾.
خامساً : الإخوة مطلقاً سواء كانوا أشقاء أو لأب أو لأم لقوله تعالى :﴿ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ ﴾.
سادساً : أبناء الإخوة والأخوات كذلك لأنهم في حكم الإخوة لقوله تعالى :﴿ أَوْ بني إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ ﴾ وهؤلاء كلهم من المحارم.
تنبيه : لم تذكر الآية ( الأعمام، والأخوال ) وهم من المحارم كما لم تذكر المحارم من الرضاع، والفقهاء مجمعون على أن حكم هؤلاء كحكم سائر المحارم المذكورين في الآية... أما عدم ذكر الأعمام والأخوال فالسر في ذلك أنهم بمنزلة الآباء فأغنى ذكرهم عن ذكر الأعمام والأخوال وكثيراً ما يطلق الأب على العم قال تعالى :﴿ قَالُواْ نَعْبُدُ إلهك وإله آبَائِكَ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ﴾


الصفحة التالية
Icon