[ البقرة : ١٣٣ ] وإسماعيل عم يعقوب.. وأما المحارم من الرضاع فعدم ذكرها للاكتفاء ببيان السنة المطهرة ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ).
وأما الأنواع الباقية التي استثنتهم الآية الكريمة فهم ( النساء، المماليك، التابعين غير أولي الأربة، الأطفال ) وسنوضح كل نوع من هذه الأنواع مع بيان ما يتعلق بها من أحكام.
الحكم الخامس : هل يجوز للمسلمة أن تظهر أمام الكافرة؟
اختلف الفقهاء في المراد من قوله تعالى :﴿ أَوْ نِسَآئِهِنَّ ﴾ فقال بعضهم : المراد بهن ( المسلمات ) اللاتي هنَّ على دينهن وهذا قول أكثر السلف.
قال القرطبي في تفسيره : قوله تعالى :﴿ أَوْ نِسَآئِهِنَّ ﴾ يعني المسلمات ويخرج منه نساء المشركين من أهل الذمة وغيرهم فلا يحل لامرأة مؤمنة أن تكشف شيئاً من بدنها بين يدي امرأة مشركة إلا أن تكون أمَةً لها.. وكره بعضهم أن تقبّل النصرانية المسلمة أو ترى عورتها وكتب عمر رضي الله عنه إلى ( أبي عبيدة بن الجراح ) يقول :( إنه بلغني أن نساء أهل الذميَّة عِرْيَةَ المسلمة فقام عند ذلك أبو عبيدة وابتهل ) وقال :( أيما امرأة تدخل الحمام من غير عذر، لا تريد إلا أن تبيّضَ وجهها فسوّد الله وجهها يوم تبيض الوجوه ).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما :( لا يحل للمسلمة أن تراها يهودية أو نصرانية لئلا تصفها لزوجها ).. وقال بعضهم المراد بقوله تعالى :﴿ أَوْ نِسَآئِهِنَّ ﴾ جميع النساء فيدخل في ذلك المسلمة والكافرة.
قال الألوسي : وذهب الفخر الرازي إلى أنها كالمسلمة فقال : والمذهب أنها كالمسلمة والمراد بنسائهن جميع النساء، وقولُ السلف محمول على الاستحباب ثم قال : وهذا القول أرفق بالناس اليوم فإنه لا يكاد يمكن احتجاب المسلمات عن الذميات.
وقال ابن العربي :( والصحيح عندي أن ذلك جائز لجميع النساء. وإنما جاء بالضمير للإتباع فإنها آية الضمائر إذ فهيا خمسة وعشرون ضميراً لم يَرَوْا في القرآن لها نظيراً فجاء هذا للإتباع ).
وقال الأستاذ المودودي : والذي يجدر بالذكر في هذا المقام أن الله تعالى لم يقل ( أو النساء ) ولو أنه قال كذلك لحل للمرأة المسلمة أن تكشف عورتها وتظهر زينتها لكل نوع من النساء من المسلمات، والكافرات، والصالحات والفاسقات ولكنه تعالى جاء بكلمة ﴿ نِسَآئِهِنَّ ﴾ فمعناها أنه حدّ حرية المرأة المسلمة في إظهار زينتها إلى ( دائرة خاصة )، وأما ما هو المراد بهذه الدائرة الخاصة؟ ففيه خلاف بين الفقهاء والمفسرين؟
تقول طائفة : إن المراد بها النساء المسلمات فقط، وهذا ما رآه ابن عباس ومجاهد وابن جريج في هذه الآية واستدلوا بما كتبه عمر لأبي عبيدة بن الجراح.
وتقول طائفة أخرى : إن المراد ( بنسائهن ) جميع النساء وهذا هو أصح المذاهب عند الفخر الرازي. إلا أننا لا نكاد نفهم لماذا خص النساء بالإضافة وقال ( نسائهن ).
وتقول طائفة ثالثة : إن المراد ( بنسائهن ) النساء المختصات بهن بالصحبة والخدمة والتعارف سواء أكن مسلمات أو غير مسلمات وأن الغرض من الآية أن تخرج من دائرة النساء ( الأجنبيات ) اللاتي لا يعرف شيء عن أخلاقهن وآدابهن وعاداتهن فليست العبرة ( بالاختلاف الديني )، بل هي ( بالاختلاف الخلقي ) فللنساء المسلمات.


الصفحة التالية
Icon