الذين لا يعرفون من أمور النساء شيئاً وليس لهم ميل نحو النساء أو اشتهاء لهن، بحيث يكون عجزهم الجسدي، أو ضعفهم العقلي، أو فقرهم ومسكنتهم، تجعلهم لا ينظرون إلى المرأة بنظر غير طاهر أو يخطر ببالهم شيء من سوء الدخيلة نحوهن.
ونحن ننقل هنا بعض أقوال المفسرين من الصحابة والتابعين ليتوضح لنا المعنى الصحيح للآية الكريمة، وندرك المراد من قوله تعالى :﴿ أَوِ التابعين غَيْرِ أُوْلِي الإربة مِنَ الرجال... ﴾.
قال ابن عباس : هو المغفل الذي لا حاجة له في النساء.
وقال قتادة : هو التابع يتبعك ليصيب من طعامك.
وقال مجاهد : هو الأبلة الذي لا يهمه إلا بطنه ولا يعرف شيئاً من النساء.
وهناك أقوال أخرى : تشير كلها إلى أن ( أولي الإربة ) المراد به غير أولي الحاجة إلى النساء وليس له شهوة أو ميل نحوهن إما لأنه أبله مغفل لا يعرف من أمور الجنس شيئاً أو لأنه لا شهوة فيه أصلاً.
قصة المخنث :
روى البخاري وغيره عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما : أن مخنثاً كان يدخل على أهل رسول الله ﷺ وكانوا يعدُّونه من غير أولي الإربة، فدخل النبي ﷺ على أم سلمة وعندها هذا المخنث وعندها أخوها ( عبد الله بن أبي أمية ) والمخنث يقول : يا عبد الله إن فتح الله عليك الطائف فعليك بابنة غيلان فإنها تقبل بأربع، وتدبر بثمان فسمعه ﷺ فقال :« يا عدو الله لقد غلغلت النظر فيها، ثم قال لأم سلمة :» لا يدخلنَّ هذا عليك « ».
يقول الأستاذ المودودي :« ولعمر الحق إن كل من يقرأ هذا الحكم بنية الطاعة لا بنية أن ينال لنفسه سبيلاً إلى الفرار من الطاعة لا يلبث أن يعرف لأول وهلة أن هؤلاء الخدام والغلمان المكتملين شباباً في البيوت، أو المطاعم والمقاهي، والفنادق، لا يشملهم هذا التعريف للتابعين غير أولي الإربة بحال من الأحوال ».
الحكم الثامن : من هو الطفل الذي لا تحتجب منه المرأة؟
اختلف العلماء في قوله تعالى :﴿ أَوِ الطفل الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عَوْرَاتِ النسآء ﴾ فقال بعضهم : المراد الذين لم يبلغوا حد الشهوة للجماع وقال آخرون : بل المراد الذين لم يعرفوا العورة من غيرها من الصغر.
ولعلَّ هذا الأخير أقرب للصواب، وأنَّ المراد بهم الأطفال الذين لا يثير فيهم جسم المرأة أو حركاتها وسكناتها شعوراً بالجنس، لأنهم لصغرهم لا يعرفون معاني الجنس، وهذا لا يصدق إلا على من كان سنة دون ( العاشرة ) أما الطفل المراهق فإن الشعور بالجنس يبدأ يثور فيه ولو كان لم يبلغ بعد سنَّ الحلم فينبغي أن تحتجب منه المرأة.
الحكم التاسع : هل صوت المرأة عورة؟
حرم الإسلام كل ما يدعو إلى الفتنة والإغراء.