[ ٩ ] إباحة الأكل من بيوت الأقرباء
التحليل اللفظي
﴿ حَرَجٌ ﴾ : قال الزجّاج : الحَرَج في اللغة الضيق، وفي الشرع : الإثم. قال تعالى :﴿ لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى المؤمنين حَرَجٌ ﴾ [ الأحزاب : ٣٧ ] والمتحرّج : الكافّ عن الإثم، وفي الحديث « حدّثُوا عن بني إسرائيل ولا حرج » وتحرّج تأثّم، والتحريجُ : التضييق.
قال ابن الأثير : الحرج في الأصل الضّيقُ ويقع على الإثم والحرام، وقيل الحَرَج : أضيق الضيق، ومعنى الحديث لا بأس ولا إثم عليكم أن تحدّثوا عنهم ما سمعتم. وقد ورد الحرج في أحاديث كثيرة وكلها راجعة إلى هذا المعنى.
وفي التنزيل :﴿ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً ﴾ [ الأنعام : ١٢٥ ] أي شديد الضيق لا ينشرح لخير.
﴿ مَّفَاتِحهُ ﴾ : جمع مِفْتحَ، وأمّا المفاتيح فجمع مفتاح، قال في « لسان العرب » : والمفتح، بكسر الميم والمفتاح : مفتاح الباب وكل ما فتح به الشيء، قال الجوهري : وكل مستغلق. وفي التنزيل ﴿ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الكنوز مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بالعصبة أُوْلِي القوة ﴾ [ القصص : ٧٦ ] قيل هي مفاتيح الخزائن التي تفتح بها الأبواب، وقيل : هي الكنوز والخزائن.
قال الأزهري : والأشبه في التفسير أن قوله تعالى :﴿ مَّفَاتِحهُ ﴾ خزائن ماله، والله أعلم بما أراد.
﴿ أَشْتَاتاً ﴾ : متفرقين جمع شَتّ، والشتات : الفرقة، وتشتّت جمعهم : أي تفرّق جمعهم، قال الطرماح :

شتّ شعبُ الحيّ بعدَ التئامِ وشَجَاكَ الرّبْعُ ربعُ المُقَام
قال في « لسان العرب » : الشَتّ : الافتراق والتفريق، والشّتيتُ المتفرّق، وفي التنزيل ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ الناس أَشْتَاتاً ﴾ [ الزلزلة : ٦ ] أي يصدرون متفرقين، منهم من عمل صالحاً، ومنهم من عمل شراً. وجاء القوم أشتاتاً : متفرقين، واحدهم شَتّ.
ومعنى الآية؛ أي ليس عليكم إثم أو جناح أن تأكلوا مجتمعين أو متفرقين.
﴿ فَسَلِّمُواْ ﴾ : من التسليم بمعنى التحية، والمعنى : حيّوا بعضكم بعضاً بتحية الإسلام، وتحية الإسلام ( السلام عليكم ورحمة الله ) وفي الحديث « وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف » والتسليم : مشتق من السّلام اسم الله تعالى، لسلامته من العيب والنقص.
قال في « للسان » : السلام والتحية معناهما واحد، وهو السلامة من جميع الآفات، وفي حديث التسليم :« قل السلام عليك، فإن عليك السلام تحيةُ الموتى » وقد جرت به عادتهم في المراثي كانوا يقدّمون ضمير الميت على الدعاء له كقوله :« عليك سلام الله قيسَ بن عاصم ».
وفي حديث أبي هريرة :( لما خلق الله آدم قال : اذهب فسلّم على أولئك النفر من الملائكة، فاستمع ما يجيبونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك فقال :« السلام عليكم... » ) الحديث.
﴿ تَحِيَّةً ﴾ : قال الزجّاج : هي منصوبة على المصدر كقولك : قعدت جلوساً، لأن قوله :( فسلّموا ) بمعنى فحيّوا، ومعنى الآية : فحيّوا بعضكم بعضاً تحية من عند الله مباركة طيبة. والتحية في اللغة : السلام، قال تعالى :


الصفحة التالية