سِيَانِ كَسْرُ رغيفِهِ أو كَسْرُ عظم من عظَامِه
نسأله تعالى أن يقينا مرض البخل والشح إنه سميع مجيب الدعاء.
الحكم الرابع : ما هو حكم الشركة في الطعام؟
يجوز للإنسان أن يشارك غيره في الطعام، وقد دل على ذلك قوله تعالى :﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُواْ جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً ﴾ أي مجتمعين أو منفردين. فإذا اشترك جماعة في طعام جاز لهم أن يأكلوا منه مجتمعين. وقد كان الرجل يخاف إن أكل مع غيره أن يزيد أكله على أكل صاحبه، فامتنعوا لأجل ذلك من الاجتماع على الطعام. فرخّص لهم القرآن الكريم وأباح لهم الأكل حتى ولو كان بعضهم أشهى نفساً، وأوسع معدة. وقد دلّ على هذا قوله تعالى :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ اليتامى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ﴾ [ البقرة : ٢٢٠ ] فأباح لهم أن يخلطوا طعام اليتيم بطعامهم فيأكلوه جميعاً. ونحو هذا قوله تعالى عن أصحاب الكهف ﴿ فابعثوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذه إلى المدينة فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أزكى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ ﴾ [ الكهف : ١٩ ].
فكان الورِق ( الفضة ) لهم جميعاً. والطعام بنهم فاستجازوا أكله وهذا ما يسميه الفقهاء ( المناهدة ) وهي الشركة التي يفعلها الناس في الأسفار.
الحكم الخامس : هل تقطع اليد في السرقة من بيت المحارم؟
قال ابو بكر الجصّاص رحمه الله في كتابه « أحكام القرآن » :« قد دلت هذه الآية على أن من سرق من ذي رحم محرم أنه لا يقطع؛ لإباحة الله لهم بهذه الآية الأكل من بيوتهم، ودخولها من غير إذنهم، فلا يكون ماله مُحْرَزاً منهم.
فإن قيل : فينبغي أن لا يقطع إذا سرق من صديقه، لأن في الآية إباحة الأكل من طعامه؟ قيل له : من أراد سرقة ماله لا يكون صديقاً له »
.
أقول : الحدود تُدْرأ بالشبهات، ولمّا كانت السرقة من بيت ذي الرحم المحرم، وبينهما هذه القرابة القوية وهي ( قرابة الرحم ) فقد وجدت الشبهة، فلا قطع حينئذٍ وإنما فيه التعزير والله تعالى أعلم.
الحكم السادس : هل الآية الكريمة منسوخة بآية الاستئذان؟
ذهب بعض المفسّري إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى :﴿ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حتى تَسْتَأْنِسُواْ ﴾ [ النور : ٢٧ ] وبقوله ﷺ « لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه » والصحيح أنها غير منسوخة وهو رأي جمهور المفسّري ومذهب الإمام أبي بكر الجصّاص والرازي وغيرهما. وقد قال أبو بكر : ليس في ذلك ما يوجب النسخ، لأن هذه الآية فيمن ذكر فيها - أي من أهل الأعذار والأقارب - وقوله ﴿ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ ﴾ [ النور : ٢٧ ] في سائر الناس غيرهم، وكذلك قوله ﷺ :« لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه » فإنه في غير هؤلاء المذكورين في الآية الكريمة والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon