﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [ الطلاق : ٣ ].
والمعنى : اعتمد على الله والجأ إليه، وكفى به حافظاً وكفيلاً.
قال أبو السعود :﴿ وَتَوَكَّلْ على الله ﴾ أي فوّض جميع أمورك إليه ﴿ وكفى بالله وَكِيلاً ﴾ أي حافظاً موكلاً إليه كل الأمور.
﴿ تظاهرون ﴾ : نزل القرآن الكريم والعرب يعقلون من هذا التركيب ( ظاهر من زوجته ) أنه قال لها : أنتِ عليّ كظهر أمي، وكانت العرب تطلّق نساءها في الجاهلية بهذه الكلمة، وكان الظّهار عندهم طلاقاً، فلما جاء الإسلام نُهوا عنه، وأُوجِبت الكفارة على من ظاهر من امرأته.
قال في « اللسان » : وأصل الظّهار مأخوذ من الظَّهْر، وإنما خصّوا الظهر دون البطن والفخذ، لأنّ الظهر موضع الركوب، فكأنه قال : ركوبك للنكاح عليّ حرام كركوب أمي للنكاح، فأقام الظهر مقام الركوب، وهذا من لطيف الاستعارات للكناية.
﴿ أَدْعِيَآءَكُمْ ﴾ : جمع دَعيّ، وهو الذي يُدعى ابناً وليس بابن، وهو النبي الذي كان في الجاهلية وأبطله الإسلام، وقد تبنّى عليه السلام ( زيد بن حارثة ) قبل النبوة لحكمة جليلة نبينها بعد إن شاء الله.
قال في « اللسان » : والدّعي : المنسوب إلى غير أبيه، والدِّعوة بكسر الدال : أدّعاء الولد الدّعيّ غير أبيه، وقال ابن شُميل : الدَّعوة بالفتح في الطعام، والدِّعوة بالكسر في النسب.
وقد أنكر بعضهم هذه التفرقة.
وقال الشاعر :
دعيّ القوم ينصرُ مدّعيه | ليُلحقه بذي النسب الصّميم |
أبي الإسلامُ لا أبَ لي سواه | إذا افتخروا بقَيْسٍ أو تميم |
والقِسط : العدل قال تعالى :﴿ وَأَقِيمُواْ الوزن بالقسط ﴾ [ الرحمن : ٩ ].
﴿ ومواليكم ﴾ : أي أولياؤكم في الدين، جمع مولى وهو الذي بينه وبين غيره حقوق متبادلة كما بين القريب وقريبه، والمملوك سيّده.
ومعنى الآية : فإن لم تعرفوا آباءهم أيها المؤمنون فهم إخوانكم في الدين، وأولياؤكم فيه، فليقل أحدكم : يا أخي، أو يا مولاي، يقصد بذلك الأخوّة والولاية في الدين.
﴿ غَفُوراً ﴾ : يغفر ذنوب عباده، ويكفّر عنهم السيئات إذا تابوا ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهتدى ﴾ [ طه : ٨٢ ].
﴿ رَّحِيماً ﴾ : بعباده ومن رحمته أنه رفع الإثم عن المخطئ، ولم يؤاخذه على خطئه.
المعنى الإجمالي
أمر الله تبارك وتعالى نبيّه الكريم بالتقوى واجتناب المحارم، وحذّره من طاعة الكفار والمنافقين، لأنهم اعداء الله ورسوله، وأعداء المؤمنين، لا يؤتمنون على شيء، ولا يستشارون في أمر، فظاهرهم غير باطنهم، وصورتُهم غير حقيقتهم، لذلك ينبغي الحذر منهم، وعدم الاستجابة لهم، والإعراض عنهم لأنهم فسقة خارجون عن طاعة الله تعالىّ.