فَعَالٌ أو مِفْعَالٌ أو فَعُولُ في كَثْرةٍ عن فَاعِلٍ بديلُ
فيستحقّ مالَهُ منْ عَمَل وفي فَعِيلٍ قلّ ذا وفعِل
فالمراد في الآية الكريمة من لفظه ( عليم ) أنه جلّ جلاله قد أحاط علمه بكل الأشياء، فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. و ( الحكيم ) المبالغ في الحكمة الذي تناهت حكمته فشملت الأمر العظيم والشيء اليسير وكل ما جاء على ذلك الوزن إنما يقصد به المبالغة فتدبره.
اللطيفة الثامنة : كانت العرب تزعم أنّ كل لبيبٍ أريب له في جوفه قلبان، وقد اشتهر ( جميل بن مَعْمر ) عند أهل مكة بذكائه وقوة حفظه، فكانوا يسمونه بذي القلبين، وكانوا يخصونه بالمديح في أشعارهم كما قال بعض الشعراء :
وكيفَ ثَوَائي بالمدينَةِ بعدَما قَضَى وَطْراً منها جميلُ بن مَعْمر
وكان هذا الجهول يقول : أنا أذكى من محمد وأفهم منه. فلمّا بلغته هزيمة بدر طاش لبه، وحدّث أبا سفيان بحديثٍ كان فيه كالمختل. وهو يحمل إحدى نعليه بيده، والأخرى يلبسها في رجله وهو لا يدري، فظهر للناس كذبه. وافتضح على رؤوس الأشهاد أمره.
اللطيفة التاسعة : قوله تعالى :﴿ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ الله ﴾.. أفعل التفضيل ليس ( على بابه ) لأنّ نسبتهم إلى غير آبائهم ظلم وعدوان، فلا يقصد إذن التفضيل وإنما يقصد به الزيادة مطلقاً.
والمعنى : دعاؤهم لآبائهم بالغ في العدل والصدق نهايته. وهو القسط والعدل في حكم الله تعالى وقضائه.. وجوّز بعضهم أن يكون ( على بابه ) جارياً على سبيل التهكّم بهم. والمعنى : دعاؤهم لغير آبائهم إذا كان فيه خير وعدل فهذا أقسط وأعدل ويكون ذلك جارياً مجرى التهكم والله أعلم.
الأحكام الشرعية
الحكم الأول : هل تقع المعصية من الأنبياء؟
من المعلوم أن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم معصومون عن ارتكاب الذنوب والمعاصي. فإنّ ( العصمة ) من صفاتهم. فلا يمكن أن تقع معصية من الأنبياء أو تحصل منهم مخالفة لأوامر الله تعالىّ. لأنهم القدوة للخلق وقد أُمِرْنا باتّباعهم. فلو جاز عليهم الوقوع في المعصية لأصبحت طاعتهم غير واجبة أو أوصبحنا مأمورين باتباعهم في الخير والشر. لذلك عصمهم الله من الذنوب والآثام، فكل ما ورد في القرآن الكريم مما ظاهره يخالف ( عصمة الأنبياء ) فلا بدّ من فهمه على الوجه الصحيح حتى لا يتعارض مع الأصل العام. فقوله تعالى هنا ﴿ وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين ﴾ لا يفهم منه أنه ﷺ مال إلى طاعتهم، أو أحبّ موافقتتهم على ما هم عليه من نفاقٍ وضلال. وإنما هو تحذيرٌ للأمة جاء في صورة خطابٍ للرسول عليه السلام ومما يدل عليه قوله تعالى :﴿ إِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ﴾ حيث جاء بصثغة الجمع وقد عرفت ما فيه.
الحكم الثاني : هل الظهارمحرّم في الشريعة الإسلامية؟
دلت الآيات الكريمة على أن الظهار كان من العادات المتّبعة في الجاهلية وكان من أشدّ أنواع الطلاق.


الصفحة التالية
Icon