حيث تثبت به ( الحرمة المؤبدة ) وتصبح الزوجة المظاهَرُ منها - في اعتقادهم - أماً كالأم من النسب، فأبطل الإسلام ذلك، واعتبره بهتاناً وضلالاً، وحرّم الظهار ولكنه جعل حرمته مؤقتة إلى أن يكفّر عن ظهاره. قال تعالى :﴿ الذين يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللائي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ القول وَزُوراً وَإِنَّ الله لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ﴾ [ المجادلة : ٢ ] فالظهار في الإسلام منكر ولكن له كفارة يتخلص بها الإنسان من الإثم، وستأتي أحكام الظهار مفصّلة إن شاء الله عند تفسير سورة المجادلة.
الحكم الثالث : هل يجوز التبني في الإسلام؟
كما أبطل الإسلام الظهار أبطل ( التبني ) وجعله محرماً في الشريعة الإسلامية لأن فيه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال :« من ادّعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله تعالى منه صَرْفاً ولا عدلاً ».
وجاء في الحديث الصحيح :« ليس من رجلٍ ادّعى لغير أبيه وهو يعلم إلاّ كفر ».
وقال ﷺ :« من ادّعى إلى غير أبيه - وهو يعلم أنه غير - فالجنة عليه حرام ».
قال في « تفسير روح المعاني » :« وظاهر الآية حرمة تعمد دعوة الإنسان لغير أبيه، ولعلّ ذلك فيما إذا كانت الدعوة على الوجه الذي كان في الجاهلية.. وأما إذا لم يكن كذلك كما يقول الكبير للصغير على سبيل ( التحنن والشفقة ) يا ابني، وكثيراً ما يقع ذلك فالظاهر عدم الحرمة ».
وقال ( ابن كثير ) في تفسيره :( فأما دعوة الغير ابناً على سبيل التكريم والتحبُّب، فليس مما نهي عنه في هذه الآية بدليل ما روي عن ( ابن عباس ) رضي الله عنهما قال : قدمنا رسول الله ﷺ أغيلمة بني عبد المطلب على جمرات لنا من جمع، فجعل يلطخ أفخاذنا ويقول : أُبَيْنِيّ لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس ).
كما نادى النبي ﷺ أنساً فقال له : يا بنيّ.
الحكم الرابع : ما المراد بالخطأ والعمد في الآية الكريمة؟
نفى الله سبحانه وتعالى الجُناح ( الإثم ) عمن أخطأ، وأثبته لمن تعمّد دعوة الرجل لغير أبيه وقد اختلف المفسرون في المراد من ( الخطأ والعمد ) في الآية الكريمة على قولين :
أ- ذهب ( مجاهد ) إلى أنّ المراد بالخطأ هنا ما كان قبل ورود النهي والبيان، والعمد ما كان بعد النهي والبيان.
ب- وذهب ( قتادة ) إلى أن الخطأ هنا ما كان من غير قصد فقد أخرج ( ابن جرير ) عن قتادة أنه قال في الآية :( لو دعوت رجلاً لغير أبيه، وأنت ترى أي ( تظنّ ) أنه أبوه، لم يكن عليك بأس، ولكن ما تعمّدت وقصدتَ دعاءه لغير أبيه ) أي فعليك فيه الإثم.


الصفحة التالية
Icon