وأجاز الزمخشري أن تكون ( مِنْ ) ( بيانية ) ويكون المعنى : أولو الأرحام أي الأقرباء من المؤمنين والمهاجرين أحق بميراث بعضهم بعضاً من الأجانب، وقد ردّ هذا القول ( ابن العربي ) في كتابه « أحكام القرآن ». وقال ما نصه : إن حرف الجر يتعلق ( بأوْلى ) لما فيه من معنى الفعل لا بقوله ( أولو الأرحام ) بإجماع لأن ذلك كان يوجب تخصيصها ببعض المؤمنين ولا خلاف في عمومها، وهذا حلّ إشكالها.
وجوه القراءات
قرأ الجمهور ﴿ النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ وأزواجه أمهاتهم ﴾.
قال أبو السعود : وقُرئ :﴿ وأزواجُه أمّهاتُهم وهو أبٌ لهم ﴾ أي في الدين، فإنّ كلّ نبيّ أب لأمته من حيث إنه أصل فيما به الحياة الأبدية، ولذلك صار المؤمنون إخوة.
أقول : هذه القراءة تحمل على أنها تفسير لقوله تعالى :﴿ وأزواجه أمهاتهم ﴾ وهي قراءة عبد الله وكذلك في مصحف ( أبيّ بن كعب ) فإذا كان أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، فهو عليه السلام أبٌ للمؤمنين، ولا شك أن الأب الروحي أعظم قدراً من الأب الجسدي، وقد قال مجاهد : كل نبيِّ أبٌ لأمته، يعني في الدين.
وجوه الإعراب
أولاً : قوله تعالى :﴿ النبي أولى بالمؤمنين ﴾ النبيّ مبتدأ و ( أولى ) خبر والجار والمجرور متعلق ب ( أولى ) لأن أفعل التفضيل يعمل عمل الفعل.
ثانياً : قوله تعالى :﴿ وأزواجه أمهاتهم ﴾ مبتدأ وخبر، على حدّ قولهم : أبو يوسف أبو حنيفة، أي يقوم مقامه ويسدّ مسدّه، والمعنى : إنهن بمنزلة الأم في التحريم، فلا يجوز لأحدٍ أن يتزوج بهنّ، احتراماً للنبي عليه السلام. أفاده ابن الأنباري.
ثالثاً : قوله تعالى :﴿ إِلاَّ أَن تفعلوا إلى أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً ﴾ الاستثناء هنا يحتمل أن يكون متصلاً، ويحتمل أن يكون منقطعاً.
فعلى الأول : يكون استثناءً من أعم الأحوال، ويكون المعنى : إن أولى الأرحام أولى بجميع وجوه النفع من غيرهم من المؤمنين والمهاجرين في جميع الأحوال. إلاّ أن يكون لكم في هؤلاء وصيٌ تريدون أن توصوا إليه فذلك جائز.
وعلى الثاني : يكون تخصيص الأولوية بالميراث، ويكون المعنى : أولو الأرحام أولى بميراث بعضهم بعضاً، لكن إذا أسديتم إلى أوليائكم معروفاً فذلك جائز، بل هم أحق بالوصية من ذوي الأرحام، وهذا الوجه اختاره ابن الأنباري وغيره من العلماء.
قال ابن الجوزي : وهذا الاستثناء ليس من الأول أي أنه ليس متصلاً بل هو منقطع والمعنى : لكن فعلكم إلى أوليائكم معروفاً جائز، فالمعروف هاهنا الوصية.
الأحكام الشرعية
الحكم الأول : هل يجب على الإمام قضاء دين الفقراء من المسلمين؟
قال بعض أهل العلم إنه يجب على الإمام أن يقضي من بيت المال ديون الفقراء اقتداءً بالنبي ﷺ فإنه قد قال في الحديث الشريف :« وإن ترك ديناً أو ضياعاً فليأتني فأنا مولاه »


الصفحة التالية
Icon